هناك من يريد تعطيل حركة التّاريخ أو على الأقلّ تأخيرها حتى لا تسحقه أحداث الرّبيع العربيّ كما تسحق البراغيث والطّفيليّات المؤذية، إنّ منطق التّخوين الذي مورس ويمارس على المخالف في الرّأي السّياسيّ واضح جدّا ولا غبار عليه، إذ يستطيع أيّا كان أن يلمسه على شبكات الإنترنيت التي تعجّ بجيش غير مسبوق في تاريخ الشّبكات الاجتماعيّة من البلطجة الإلكترونيّة يدار تحت إشراف (أشياخ) أقلّ علما وأسوأ خلقا، وهم في الحقيقة (ضبّاط) مخابرات ربّما تلقّوا شبه تدريب في مجال ترويج الإشاعة والتّحريض ومحاربة الكلمة الحرّة والدّعوات الجامعة ليخلقوا جوّا محتقنّا يسوّغ مخطّطات أسيادهم الملاعين، المعتوهون يحسبون أنّ الأمّة ما تزال تثق في دجلهم الذي افتضح أمره مع ما سرّب من أخبار عن حجم فسادهم وتآمرهم والشّكر موصول في ذلك لوكي ليكس وأخواتها.
لم يعد الاحترام كما كان لشيوخ الجاميّة والسّروريّة الذين استهلكت وجوههم في الدّعاية للاستبداد والدّعاء للمستبدّين، خصوصا بعد استشراء خطاب التّخوين واتّهام كلّ من اختلف مع الطّرح الطّائفيّ العنصريّ البغيض بالخيانة، وبعد أن صار يخوّن على التّوّ ودون قرينة كلّ من رفض دعوة عمّيّة أو خطاب للكراهيّة، حيث يتّهم بالتّشيّع والعمالة لإيران، وبالجهل والمجوسيّة، بل قد يطعن حتى في نسبه فينعت بابن المتعة، مع أنّ الطّاعن ينسى وربّما يتناسى أنّ جرأته على أعراض النّاس بهذه السّهولة تجعله وأمثاله من أبناء الاستبضاع وهو أخسّ أنواع النّكاح التي عرفتها البشريّة في تاريخها الجاهليّ المظلم.
يخوّف الحكّام المنبطحون وزبانيتهم وحواريّيهم من الفقهاء المأجورين الأمّة من إيران، ولا خوف من إيران على الأمّة، لأنّ الخوف الحقيقيّ عليها إنّما يتأتّى من استمرار حكمهم وعمالتهم للأمريكيّ، ومن اجتهادهم في تنزيل الأجندة الصّهيونيّة على الأرض. تلك الأجندة التي أصبحوا مقتنعين بها أكثر من أيّ وقت مضى، بعد أن أدركوا أن لا حياة لهم إلاّ في ظلّ وجود إسرائيل، لذلك تراهم يخافون عليها أكثر من يهود، ولذلك جعلوا بزعمهم عداوتها مؤقّتة وجعلوا عداوة جارهم المسلم عداوة مطلقة من كلّ قيد أخلاقيّ والله المستعان