بسم الله والحمد لله وصلّى الله وسلّم على سيّدنا محمّد وآله الطّاهرين، وبعد، يمنح بعض المتفيقهين أنفسهم صلاحيّة ليست لهم البتّة، فينتحلون كلّ صفة تمنحهم فرصة محاكمة عقائد النّاس وقتلهم بزعم أنّهم كفّار وبإخراجهم من الدّين بالجملة؟، سبحان الله لم يفعله رسول الله بالمنافقين وكانوا قلّة في مجتمع المؤمنين مخافة أن يقول النّاس: ((محمّد يقتل أصحابه)) والوحي يقطر سلسلا من سلسل ويفعله هؤلاء المتفيقهون في طائفة عظيمة تنتسب إلى الإسلام وتنطق بالشّهادتين، فهل بلغ فقههم في الدّين وغيرتهم عليه مبلغ أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام فصاروا يسمحون لأنفسهم بتكفير من يقول لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله، ويستقبل القبلة ليقيم الصّلاة، من يؤتي الزّكاة ويخرج الخمس من ماله، من يصوم رمضان ويحجّ البيت؟مع أنّ الإمام تصرّف بالحرق مع من ألّهه بحسب ما تقتضيه المصلحة بصفته أمير المؤمنين وذلك على وجه المبالغة في زجر من يعتقد ذلك ليرتدع النّاس ويقتنعوا بخطورة هذه العقيدة الفاسدة ولأجل أن يقطع شأفة المرجفين؟ فرغم القيود التي وضعت على مسألة التّكفير لا يبالي هؤلاء بالمسألة فيكفّرون النّاس بالجمة من غير أن يعلم بأيّ سند يعطون لأنفسهم الحقّ في ذلك وهذا هو مربط الخلاف بيننا وبينهم، إنّ المنطق الذي اجتهد المخلصون سائلين الله التّوفيق في إبراز تداعيه وتهافته هو نفس منطق التّكفيريّين الذين يسمّون أنفسهم قاعدة، الذين يكفّرون مخالفهم ثمّ يقتلونه على الهويّة والله حسيبهم فيما أولغوا فيه من دماء وأعراض لدرجة باتوا معها حربا على المجتمع سندا لأعداء الأمّة، ولدرجة روّعوا معها الآمنين وسفكوا أرواح المستأمنين، ويظهر أنّ المراجعات التي ساعدت الكثيرين منهم على التّوبة والرّجوع عن هذا العمل الفظيع والاعتقاد الشّنيع الذي لو بقي شيخ الإسلام إلى أن يرى مخرجاته القبيحة لتبرّأ من أصحابه وعدّهم رأس الفرق الضّالّة، قلت: لعلّ تلك المراجعات لم تبلغ مداها بعد أن اختلط الحابل بالنّابل وبعد أن صارت كثير من المنابر المشبوهة وسيلة لاستقطاب المخدوعين بالألقاب: ((أبو فلان الفلانيّ))، وأحسب أن لو كان كلامهم صوابا ورأيهم مستقيما يستند إلى حجج ثابتة وآراء مشهورة يعمل بها ويقرّها الجمهور لأفصحوا عن أسمائهم دون الاحتماء بتلك الألقاب والكنى التي يلجأ إليها في العادة كلّ من كان في قلبه دغل ليتوارى بجلده عن المساءلة القانونيّة، يقول الدّكتور شاكر النّابلسيّ في مقال نشره موقع الوطن أونلاين بتاريخ 15/05/2011 تحت عنوان متى يزول الإرهاب الذي زال طوطمه؟: ((ارتبط العنف الإرهابي بالدم. فلا إرهاب بدون دماء. تلك هي آية الإرهاب الكبرى التي قرأناها وشاهدنا مآسيها الكثيرة والكبيرة، في بداية هذا القرن، وخلال السنوات العشر الأخيرة. والدم في قاموس العنف الإرهابي، هو حبر كتابة الإرهاب، ونصوصه المختلفة. والدم، هو الذي يرسم به الإرهابيون صورة الطوطم، الذي يقدسونه وينصاعون له انصياع الغنم للراعي)) هذا والله تعالى أعلى وأعلم