كنت قد نشرت على قسم الدّول العربيّة والعالميّة لمنتدى السّاحة السّياسيّة الخاصّ بملتقى حضرموت للحوار العربيّ مقالا بعنوان: (متطلّبات القومة من الكبوة ومقتضيات النّهوض الحضاريّ)، بتاريخ 17/04/2011، وهو مقال استعرضت من خلاله آراء متميّزة لبعض علماء الشّيعة المجتهدين ـ ممّن جرّ عليهم الرّأي العلميّ الموضوعيّ والموقف الفقهيّ المتّزن خصومة أهل المذهب قبل غيرهم ـ، وذلك لمشاركتهم الاقتناع بوحدة الأمّة وضرورة التّقريب في مواجهة التّحدّيات، ومع أنّ نشر مسودّة الموضوع كان على نحو لا يسعف في القراءة بشكل جيّد فقد علّق أحدهم بعيدا عمّا تناوله من أفكار بمقال تحت عنوان: (هكذا ينال السّفهاء من أمّك يا محمّد محمّد المحب، أين نخوتك وشهامتك ودينك؟) ثمّ وجّه إليّ استفتاء حول الموقف ممّا نشرته بعض الأقلام الطّائفيّة المسمومة عن أمّ المؤمنين عائشة الصّدّيقيّة بنت الصّدّيق رضي الله عنها وعن أبيها، أجبت عنه من باب الغيرة على عرض النّبيّ وتوافقا مع الإجماع الحاصل حول هذا الموضوع من علماء الأمّة المعتبرين سنّة وشيعة، أشفعته بنقل لبيان أذاعه العلاّمة المجتهد السّيّد عليّ الأمين على قناة المستقلّة في إحدى حوارات البرنامج الصّريح لرمضان هذا العام، ثمّ رأيت أن أضيف بيانا خاصّا ضمن تعليق على الرّدّ الذي أجد أنّه لم يكن في محلّه فقلت متسائلا: ما هذا الرّدّ، وما هذا الاستفتاء، وما علاقته بالموضوع المنشور؟ هل التّشيّع لآل البيت سلام الله عليهم خروج عن المعلوم من الدّين؟ هل محبّة الآل يعني بالضّرورة عداوة الصّحب؟ ما هذه المهاترات؟ أيؤخذ الجمهور والسّواد الأعظم من النّاس بشذوذ بعض المتفيقهين؟ ما الذي يفهم إذن من قوله تعالى: (ولا تزر وازرة وزر أخرى)؟ كيف يكفّر المتعصّبون غيرهم بالذّنب؟ وهل أجاز أئمّة المذاهب الأربعة والعلماء المعتبرون وفي مقدّمهم ابن تيميّة وابن قيّم الجوزيّة رحمهما الله تكفير أهل القبلة بذنب؟ لقد أجبت عن الاستفتاء لغيرتي على عرض النّبيّ ولأنّ الشّيعة والسّنّة يغارون أيضا على عرض النّبي ولا يرضون ما نطق به بعض الجاهلين من قذف في حقّ أمّ المؤمنين، وبعد فأنا ممّن لا يؤمنون إلاّ بالإسلام الأوّل إسلام النّبيّ وآله الأطهار وصحبه المجاهدين الأبرار علما أنّ الآل صحب ومن الصّحب من يعدّ من الآل لدخول الأزواج والقرابة من آل حمزة وآل العبّاس وآل جعفر وآل عليّ وجميع من يحرم عليه أخذ الصّدقة تحت هذا المسمّى، وبعد ألم يحن وقت الرّجوع عن هذه الحرب الطّائفيّة القذرة التي تستعدي جزءا من الأمّة على الجزء الآخر؟ أليس في القوم عاقلين؟ فالله المستعان وهو غالب على أمره، هو حسبي ونعم الوكيل، والآن أضيف مؤكّدا أنّ ما ينشر على الإنترنيت من استعداء وتحريض طائفيّ أيّا كانت الجهة التي تقوم به أمر مرفوض أرى أنّ الإسلام بريء منه، وأنّه لا يخدم في المحصّلة سوى أعداء الأمّة الذين لا يميّزون في عداوتها والكيد لها بين سنّيّ وشيعيّ، ولا بين عربيّ وعجميّ، وأعتقد جازما أنّ أيّ سلوك متعصّب يتدثّر بالدّفاع عن الثّوابت في محاصرة الاختلاف وسوغ الدّالتونيّة الفكريّة التي لا تسمح برؤية التّعدّد وقبوله هو سلوك عدائيّ يستدرج منتهجه لارتكاب الأخطاء الفادحة التي تجرّ عليه قبل غيره الويلات وعظائم الأمور، فلنعالج قضايانا بمزيد من الحكمة، وليصبر بعضنا على بعض، ولندعم جميعا أيّ جهد للتّقريب والوحدة ولمّ الشّمل فنحن جميعا في سفينة واحدة والله المستعان