الشّيعة عربا وعجما إخوة في الدّين وفي الانتساب لأمّة خاتم النّبيّين صلّى الله عليه وآله وسلّم، لهم وعليهم من الحقوق والواجبات الدّينيّة والوطنيّة ما على سائر المكوّنات، وينبغي ألاّ تذهب حميّة الجاهليّة بالبعض فيقبلوا من أنفسهم ما لا يقبلون من الآخرين، أو ينصّبوا بعض الأمّة عدوّا للبعض الآخر فيمزّقوّا شملها، ويُذْهِبُوا ريحَها، ويُصرِفوها بعداوة مفتعلة عن العدوّ الحقيقيّ الذي يتربّص بها، لقد عانت الأمّة في تاريخها ويلات الفرقة نتيجة صراع مذهبيّ لا أساس له سوى الصّراع على الحكم والتّنافس على حطام الدّنيا وبهرجها، وقد آن الأوان للرّجوع إلى الإسلام الأوّل إسلام الآل الأطهار والصّحب المجاهدين الأبرار، والتّخلّص من اجتهادات فقهيّة ركبها الحكّام كما المعارضون لإدارة الصّراع السّياسيّ واستقطاب الأتباع والأنصار، روى الإمام مسلم عن النّوّاس بن سمعان رضي الله عنه، أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: (البرّ حسن الخلق، والإثم ما حاك في نفسك، وكرهت أن يطّلع عليه النّاس) ألا رجوعا إلى الله عباد الله، والحذر الحذر من الدّعاوى العمّيّة التي تتدثّر تحت شعارات مثيرة مستفزّة، فالظّالمون من فريق التّسنّن وفريق التّشيّع سواء، هم خصوم هذه الأمّة بجميع مذاهبها وفرقها، وهم في نهاية المطاف متضامنون عندما تدلهمّ الخطوب ويشعرون أنّ الدّوائر ستدور عليهم، ولن ينطلي المكر ولا الخديعة على أناء هذه الأمّة لأنّ الزّمن كشّاف ولأنّ الله للظّالمين بالمرصاد، جاء في محكم التّنزيل: (وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مكرهم لتزول منه الجبال)، وجاء أيضا: (ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون)، فلله الأمر من قبل ون بعد وهو أرحم الرّاحمين