أحسّت إحدى المنتسبات ((للفنّ)) بعدم القدرة على فهم موجة التّديّن التي تأخذ مدى واسعا في مجتمعها، إذ لم تستطع أن تستوعب رجوع النّاس إلى المفتين في تنظيم شئونهم وضبط تفاصيل حياتهم مع مقتضيات الشّرع الحنيف في زمن كثر فيه الهرج والمرج وعاث فيه الظّالمون في الأرض الفساد، وهو ما أصابها بحنق شديد جعلها تغتاظ لفقد ما كانت تتمتع به البلد في اعتقادها عندما كانت تزهو بثقافة (الميكرو جوب) (micro jupe) التي ولّت فكان انتهاؤها ـ كما تقول إيذانا بنكسة ((للثّقافة))، ولله في خلقه شئون، فهذه المرأة المتعالمة (femme savante) التي لا يعجبها أن ترى العالم بألوانه المتعدّدة، ولا يروقها أن يمارس النّاس حرّياتهم بعفويّة وتلقائيّة، هي في الواقع نتاج نظام استبدّ بالأرض والعباد فأفسد الأذواق، وعطّل الكفاءات، ودجّن العلماء، وحارب الثّقافة وروّض المثقّفين، وفسّق المجتمع بالسّكوت عن الرّذيلة بل بتحريضها، وولّى التّافهين لولائهم المناصب المهمّة، فليس غريبا إذن أن يطلع بين الفينة والأخرى من يعبّر دون حياء ومن حيث لا يدري أنّه لا يدري عن جهل مطبق يدعو للأسف تارة وللشّفقة أخرى كما هو حال هذه (المرأة المتعالمة)