كأنّ هؤلاء السّياسيّون والزّعماء لم تلدهم أمّهاتهم إلاّ للتّربّع على العروش واحتلال كراسي الحكم ليجثموا على رقاب النّاس دون إرادتهم وضدّا على رغبتهم، وكأنّ الأمّة عاقرة لم تنجب خيارا لأمور الحكم والسّياسة فليس هناك من يستطيع خدمة البلد والنّاس إلاّ هم، وكأنّي بلسان حالهم يقول: (فليمت الشّعب "المستكين" ليحيى القائد "الملهم")، أو يقول: (ليرحل الشّعب لتبقى الحكومة)، لم يكن بوسع هؤلاء الذين يفوزون في كلّ مرّة إذا ما أخطئوا الحكم بأجر الاجـتهاد مع أنّ الوقائع والأحداث قد تجاوزتهم، ليدركوا حدود الممكن والمستحيل، وليفقهوا أنّ انتفاضة الشّعب لا تقهر لأنّها توجّه دفّة الزّمان مثلما توجّه الرّياح أشرعة السّفنَ، وأنّها ستقتلع المحتّل حتما، مثلما ستزيح من أمامها كلّ مختّل بالتّطبيع والتّضبيع، عليهم أن يدركوا أنّ التّسلّط والاستبداد، القمع، حكم الأسرة، أو العشيرة، أو الطّائفة هي: عدوّ الوطن والمواطنة، عدوّ الحرّيّة، عدوّ المستقبل، حليف الاحتلال، سبب التّخلّف، ومدعاة للتّجزئة والتّسكّع للشّحذ على أبواب "الأسياد"، عليهم أن يتحالفوا مع الشّعب وأن يتجاوبوا مع رغبته في إسقاط القطريّة وعلاج أورامها الخبيثة