أذاعت مصادر معارضة على ضوء المحاضرة التي ألقاها الشّيخ محمّد بن عبد الرّحمن العريفيّ عن عقائد الشيعة، أنّ المكتب التّعاوني للدعوة والإرشاد بمدينة جازان أقام ندوة بعنوان: "الشيعة وعقائدهم الباطلة" تضمّنت سردا عن تاريخ الطّوائف الشّيعيّة ونشأة عقائدها! وتعتبر هذه المصادر عينها أنّ هذه الحملات الإعلاميّة والفتاوى التّكفيريّة التي تأتي في سياق التّصعيد الذي تشهده منطقة الخليج ضدّ السّياسة الخارجيّة للجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة تحريضا ضدّ الشّيعة الجعفريّة والزيديّة والإسماعيليّة، وهذا والله، إن صحّ ـ لعب عيال، فلا هو من الدّين ولا هو من السّياسة في شيء، إنّما هو ثمرة من ثمار القبليّة المقيتة، وداء التّعصّب البغيض، وحياد عن الاتّزان وعن منهج السّلف الذي يجمع ولا يفرّق، وأيّما فتوى تخرج المسلمين من دائرة الإيمان إلى دائرة الكفر فتوى باطلة لا يصحّ الرّجوع إليها، ولا يتعيّن الدّفاع عن صاحبها لأنّها كاللّعن الذي إذا لم يجد مستحقّه رجع إلى رأس صاحبه، فمن الإجماعات الواردة في هذا الباب ما قاله الإمام ابن بطّة رحمه الله على الصّفحة 265 من كتابه (الشّرح و الإبانة الصّغرى) حيث جاء: (وقد أجمع العلماء ولا خلاف بينهم أنّه لا يكفّر أحد من أهل القبلة بذنب ولا يخرج من الإسلام بمعصية) وقال الإمام النّوويّ رحمه الله في المجلّد الأوّل من شرح صحيح مسلم على الصّفحة 150: (واعلم أنّ مذهب آهل الحقّ لا يكفّر أحدا من آهل القبلة بذنب، ولا يكفّر آهل الأهواء والبدع)، وقال الشيخ ابن تيمية رحمه الله في المجلّدين الرّابع والسّادس على الصّفحتين: 479 و307: (إن أئمة المسلمين وأهل المذاهب الأربعة وغيرهم مع جميع الصّحابة والتّابعين لهم بإحسان متّفقون على أنّ المؤمن لا يكفّر بمجرّد الذّنب كما تقول الخوارج)، قال تعالى في الآية التّاسعة من سورة الحجرات: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا، فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ، فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ، إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)، وروى الإمام البخاري من حديث أبي سعيد الخدريّ بترقيم عدد (6560) في كتاب التَّوْحِيدِ بترقيم عدد (7072)، حديثا عن رسول الله النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: (إذا دخل أهل الجنّة الجنّة، وأهل النّار النّار، يقول الله: من كان في قلبه مثقال حبّة من خردل من إيمان فأخرجوه، فيخرجون قد امتحشوا وعادوا حمما، فيلقون في نهر الحياة، فينبتون كما تنبت الحبّة في حميل السّيل، أو قال: حميّة السّيل - وقال النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم - ألم تروا أنّها تخرج صفراء ملتوية؟) أخرجه الإمام مسلم أيضا في كتاب الإيمان بترقيم عدد (193)، والدّارميّ في مقدمة السّنن على الصّفحة (52)، واعتبار للمآلات يتعيّن عدم الأخذ بكلّ رأي فقهيّ فرديّ في قضيّة عامّة، بل يجب ردّه إذا أساء إلى وحدة الأمّة وشقّ صّفّها، إذ الواجب يقضي بالتّواصي بالإصلاح والسّعي بشكل جماعيّ إلى التّصحيح والنّأي عن التّوصيف المفضي إلى التّصنيف الذي يجعل البأس بين مكوّنات الأمّة شديدا، والله المستعان وهو أرحم الرّاحمين