الغائب الحاضر

موضوع: الغائب الحاضر 2009-07-06, 08:34

لمرور سبع سنوات على انتقال الامام السيد عبد الحسين شرف الدين الى الرفيق الاعلى , كتب الامام الصدر هذه المناجاة بتاريخ 1/1/1965

وخص بها مجلة " رسالة الجعفرية " التي كانت تصدرها الثانوية الجعفرية في صور , و هي من مؤسسات الامام شرف الدين.

عبثا حاولت الايام و السنون, ان تبعدك عن قلوينا , ايها
الغائب الكبير. وحاول التراب , و بعد المزار , ان يغيب وجهك المشرق عن
حياتنا. و حاولت الاطوار و التغيرات العقيمة و التي طرات على مجتمعنا , و
غيرت منه كل شيئ , ان تزيل اثارك فيتا.

عبثا حاولت هذه العوامل ذلك , فانت بالرغم من هذا كله , بيننا, وفينا , حاضر عندنا, تضيئ دروبنا , و ترشدنا , وتبارك اعمالنا .

انك ايها الغائب الحاضر عندنا: نسمع صوتك الرهيب الحبيب , عند كل معروف , فتامر به. و عند كل منكر فتنهي عنه.

نرى وجهك المشرق المرهق , يطل علينا في ايامنا العابسة , فيملؤها املا و نشاكا . و في ليالينا الحالكات فتبعث خشوعا و صلاة .

نلمس مسحات يديك الباسكة الرقيقة , عند كل ملمة , و امام كل ازمة , و محس
بخفقات قلبك الدافقة الخافقة , في كل محنة . و عند كل معركة.

هذه كلماتك الخالدات, تملا مسامع الكون , لنعطينا قواعد للساوك المستقيم.

وهذه كتاباتك الكريمة, ترفرف على العالم الاسلامي , من اندونيسيا الى كانو , و من القاهرة الى الصومال .

وهذه بطورتك , تحرك ضمير مواطنيك , فتدعوهم الى القيام لله , مثنى و فرادى.

وهذا خلقك النبوي , يهز كل مسؤول و كل كبير , فيعطيه الطريقة المثلى للسلوك .

وهذا صرحك الشامخ - كلية الجعفرية - تؤذن كل صباح , و تنادي كل مساء ,
فتهيب بنا الى تحمل مسؤولياتنا , و تذكرنا بثقل امانتنا , و توحي الينا :
هكذا فليعمل العاملون.

وهذه قوة ايمانك الدافعة الرافعة ,تشق لنا الطريق , تلو الطريقو تدفعنا الى الامام , و ترفعنا الى السماء .

سيدي : عرفك بيننا ابا عطوفا , وارف الظلال , مضيافا يخدم الضيف الذي يحج اليه, و على كل ضامر ياتيه من كل فج عميق .

وعرفك صحبك مرشدا مربيا , لا ينقطع عن النصيحة و التوجيه , لحظة واحدة .

وعرفك بلدك مصاحا , يامر بالمعروف و ينهى عن المنكر تقيم الشعائر ,و تنصر المظلوم و و تحكم بين الناس بالقسط .

وعرفك وطنك قائدا ثائرا , يبذل اقصى ما يمكن بذله ولا يثنيه جبروت
المستعمر ولا حيلة العدو الماكر . ولا ايلام الحرب الباردة التي يشنها
الخصم الداخلي.

وعرفك العالم شمسا تنير الافق المدلهم الواسع , فتبعث من خلال رسائلك و
كتبك, الى مختلف الاقطار , حديث الحق و قصة الحياة المثالية.

وعرفك التاريخ صفحة بيضاء , لا زيغ فيها ولا تحريف بل مطلع فصل ,يابى
المغاطة. و مدخل كتاب , فيه تبيان و فرقان , بين الحقيقة و الوهم.

وانت امام الله تروق فرح بما اتاك و تستبشر بالذين لم يلحقوا بك فاصبحت الخالد المبدع .

سيدي: حولت فكرك الى كتبك الخالدةو فاهديتها الينا .

وحولت طاقتك الى مؤسستك العظيمة , فوهبتنا اياها .

وحولت عواطفك ارقيقة , فاصلحت ما فسد من امرنا , و جبرت ما انكسر في مجتمعنا .

وحولت خلقك الكريم و الى تنشيط الحق, و تعميم الجمال , و تهدئة القلوب ,وتسلية المحزوم, و راحة اللاجئ, و الاصلاح بين الناس .

حولت وجودك كله , الى كمال مجتمعنا , و اهديت كل ما تملك الينا, ثم حملت
جسدك المرهق التهدم, حملته الى منبت علمك الى باب مدينة العلم, الى بلد
النور و الولاء, الى النجف لكي تجذب قلوبنا. و تحافظ على رباط ايماننا و
تمسكنا بسفينة النجاة واحد الثقلين.

ذهبت بعدما اعطيتنا كل شيئ . سموا في الحياة و في الممات, لكي تضرب مثلا اخر بموتك بعدما ضربت الامثال للناس بحياتك.

موضوع: رد: الغائب الحاضر 2009-07-30, 07:28

شمس تغيب قمر يغيب و انت يا امامي باق لا تغيب ...
شكراً عالطرح الراائع أخ أبو طوني
مصفّق

موضوع: رد: الغائب الحاضر 2009-07-30, 17:47