صاحبة الجّلالة
بقلم: حسين أحمد سليم
تُعتبر الصّحافة اللسان النّاطق في الأمّة, تُدوّن تاريخها بأمانة, وتوقّع حوادثها بدقّة, وتعكس مشاعرها بمصداقية. والصّحافة هي الرّسول الأمين في المجتمعات, تجوب دول العالم, وتدخل الأندية والمجتمعات, وتؤدّي دورها بأمانة ومصداقية.
تطوّرت العمليّة الصّحفية في السّنوات الأخيرة, وقفزت قفزات مهمّة في الحركة الإعلاميّة, بحيث ولجت بقوة عالم الشّبكة العالميّة للمعلومات, وأخذت الدّور الرّيادي عبر هذه الثّورة الرّقميّة التي رصّعت جبين العصر بالعولمة المعرفية.
الكتّاب الصّحفيون, أدباء, شعراء, قاصّون, محلّلون, مخبرون, فنّانون, تشكيليّون, مفكّرون, فلاسفة... هم قادة الأمّة وقدوتها, هم مرآة الشّعوب وجماليات مشهديّاتها, هم خشبة الخلاص في كل مكان وزمان, هم مقياس الحضارة والعلم والمعرفة, هم رمز الرّقيّ والتّقدم والإزدهار, وهم الكثير الكثير... يكتبون كلماتهم, يحرّرون أفكارهم, يقرضون قصائدهم, يرسمون فنونهم , ينحتون منحوتاتهم, يحلّلون القضايا, يكرزون بالخواطر الهادفة, ينبّهون العقول ويثيرونها , يحملون نبراس الهدى والإرشاد, يؤدّون واجبهم التّكليفي بأمانة.
النّاس يثقون بالكاتب, وله مكانة كبرى في قلوبهم وعقولهم, والأديان القديمة رفعت الكاتب فوق المستوى العادي, وبوّأته المكانة اللائقة, كونه يحمل في قرارته الوعي والمعرفة والثقافة, وكونه يتميّز بالعرفان الذّاتي. وعليه فمن حقّ هذه الأمّة التي تحترم الكاتب, أن ترى في هذا الكاتب الصّدق في القول, والإخلاص في العمل, والقدرة على الجذب, ليستثير القوى الكامنة في النّفوس, ويرسم الخطط المثلى لخدمات الأمّة, محافظا على كرامتها, ذودا عن قوميّته ووطنه.
ما قبل, عرفت الأمم الرّاقية الصّحافة, ووعت الدّور الفاعل لها في جسم الأمّة, وما لها من المكانة الأدبيّة والإجتماعيّة والسّياسيّة, فأقبلت عليها وإعتمدتها, وعملت على الرّفع من شأنها, وعزّزت لواءها, وأضاءت منارتها. حتّى غدت الصّحافة بمنظومتها المتكاملة صاحبة الجلالة, لها حضورها ولها نفوذها ولها أهمّيتها في رسم الحضارة في هذا العصر.
الصّحافة الرّقميّة ولدت منذ زمن قريب, ولجت الشبكة العالميّة للمعلومات, تهتم منذ البدء بالكلمة الصّادقة الحرّة, واضعة نصب أعينها مصالح الأمّة فوق كلّ إعتبار, ملتزمة الرّأي الصّائب واضعة النّقاط فوق الحروف, حاملة رسالتها التي أنيطت بها خير حمل, تضم إلى صدرها أسرة من الكتّاب الكبار, الذين لهم الباع الطويل في عالم الكلمة, ولهم الإنتاج الوفير في التّجربة الفكريّة, دون أن تغفل التّجارب الشّبابيّة من الإحتضان, والإهتمام بالومضات الفنّيّة البارقة عند البعض من أبناء هذه الأمّة, لتتوّج الصّحافة الرّقميّة الإلكترونية مرّة أخرى صاحبة الجّلالة في الشّبكة العنكبوتيّة العالميّة...