نقلاً عن مقال نشر في جريدة الأخبار للأستاذ أسعد أبو خليل أستاذ العلوم السياسية في جامعة كاليفورنيا
كبر
ابن الزعيم وكبرت طموحاته، وإن صغر حجمه السياسي. عاش في الغربة ولمس موت
إقطاع عائلته السياسي، لكن الأمير مقرن شاء غير ذلك. أحمد الأسعد يخوض
انتخابات الجنوب بدعم مالي سعودي باعترافه هو في جريدة «السياسة»، ولمّح
إلى ذلك في حديثه مع الصحافي جورج صليبي. قال إن هناك تقاطع مصالح بينه
وبين «المجتمع الدولي» والسعودية!
كامل الأسعد ولد زعيماً. كان في
عصر يأتي أبوه أحمد الأسعد بكل نوّاب الجنوب. كانوا يقولون زهواً إن العصا
تنجح على قائمة أحمد الأسعد. كانت عائلات الجنوب تعرّف نفسها بأنها
«أسعديّة». وأحمد الأسعد كان غير ابنه أو حفيده. أحمد الأسعد كان زعيماً
تقليديّاً (بمعنى الزعامة الذي درَسه الأكاديمي السويسري، أرنولد هوتنغر)
لكنه كان يضيف لمسات شخصيّة إلى زعامته. أهل الجنوب كانوا يروون حكايات عن
عفويّته وبساطته، مثل أن يوقف سيّارة الكاديلاك السوداء في نصف الشارع في
بيروت ليدعو حمّالاً جنوبيّاً لمحه عابراً. هل كانت أفعاله العفويّة
حقيقيّة أم أن الناس اختلقوها ليميّزوا بينه وبين ابنه؟ لكن ولادة ابن
الزعيم كانت الضربة القاضية على الزعامة الأسعدية. الجنوب خرج عن بكرة
أبيه فرحاً بولادة ابن الزعيم. وهناك من يقول إن أم كامل (وهي كانت ظاهرة
بحدّ ذاتها ساهمت فيها حنان الشيخ في تلك المقالة المُبخِّرة في صحيفة
«النهار» إبان الحرب) هي التي جعلت من كامل ذلك النزِق الذي قضى بنَزَقه
على زعامة سادت في جبل عامل لقرون. وأم كامل عندما قطنت في جنوب لبنان
حكمته آمرة ناهية: تستدعي نواباً ووزراء ومخاتير ورؤساء بلديّات لتأمرهم
من وراء حجاب. من كان مشكوكاً في ولائه الأسعدي يُنبذ، ومن هادن خصماً
لكامل يُعاقب بشدّة. حتى طائرة العدو الإسرائيلي «إم.كا» كُنيت بـ«أم
كامل» لفظاعتها. وأراد أبو كامل وأم كامل أن يفرح كل الجنوب بفرحة أم
الصبي وأبيه. وهناك العبارة السائرة وهي تُعزى لأحمد الأسعد: أنه قال
يوماً إن الجنوب لا يحتاج لمدارس لأن كامل يتعلّم. وليس مهمّاً ان
الأسعديّين ـــــ عندما كان هناك ما يُسمّى بـ«الأسعديّين» ـــــ نفوا
العبارة، وإن كانت تُعبّر عن الحالة النفسية لأهل الجنوب وعن انطباعهم عن
الزعامة الوائليّة..