الحرب الباردة السورية السعودية ملعبها لبنان ولاعبوها لبنانيون وسلفيون

الحرب الباردة السورية السعودية ملعبها لبنان ولاعبوها لبنانيون وسلفيون

في وقت دار الحديث عن عودة الحرب الباردة على الصعيد العالمي بين الولايات المتحدة الاميركية وروسيا (وريثة الاتحاد السوفياتي السابق) اثر المواجهة العسكرية بين روسيا وجورجيا، اغفلت "حرب باردة" صغيرة تدور احداثها على الارض اللبنانية وتضع سوريا والسعودية في المواجهة بصورة غير مباشرة.
وكما ان المفاوضات السورية- الاسرائيلية تجري عبر طرف ثالث هو الطرف التركي، كذلك تدور احداث الحرب الباردة عبر طرف ثالث هو لبنان. اما اللاعبون فيختلفون من حيث الجنسية والعقيدة، فهم لبنانيون وسلفيون.
مصادر سياسية مطلعة، لخصت تطور هذه الحرب فقالت انه ليس خفياً على احد ان بداية هذه الحرب اندلعت اثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، حيث اعتبرت السعودية ان سوريا هي المسؤولة عن الامر، وانها تخطت حدودها باستهدافها واحداً من (اهل البيت)، وبما ان الدليل الحسي كان مفقوداً، لجأت الرياض الى البديل وهو المحكمة الدولية والضغط الغربي والعربي على سوريا لعزلها دون ان تقطع العلاقات معها بشكل علني.
الرد السوري لم يكن متاحاً في ذلك الحين، فخضعت دمشق لفترة الضغط وعملت اولاً على التركيز على تخطي عقبة التحقيق الدولي والقرارات الدولية التي كانت تتخذ وتصب ضد مصلحتها في لبنان والمنطقة. وما هي الا سنوات قليلة حتى تمكنت سوريا من ان تطفو مجدداً على سطح الاحداث بعد ان كانت في القعر، ووضعت نصب عينيها تعزيز التوازن في لبنان لان الكفة كانت تميل عكس مصلحتها ومصلحة مؤيديها، ثم ما لبثت ان بدأ الغزل يفعل فعله مع ايران وقطر. وبعد ان كسبت معركة ابقاء الرئيس الاسبق اميل لحود في منصبه حتى اللحظة الاخيرة من عهده الممدد، نجحت في تثبيت ركائزها في حرب تموز 2006، وبدأ الهجوم المضاد حيث رد الرئيس بشار الاسد على ما وصفه العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز بأنه "مغامرة" خطيرة قام بها "حزب الله" في لبنان، فكانت المقولة الشهيرة بأن بعض الحكام العرب هم "انصاف رجال"...
وتابعت المصادر نفسها: بقيت المرحلة على حالها من التوتر، فيما ادوات "الحرب الباردة" كانت تتصاعد شيئاً فشيئاً، وكانت احداث نهر البارد والمواجهات الدامية التي خاضها الجيش اللبناني مع "فتح الاسلام"، فألمحت سوريا الى تورط سعودي فيها من خلال انتماء اعضاء المنظمة الى "القاعدة" (وبالتالي التشدد السنّي) وردت السعودية بالقول ان هؤلاء اتوا عبر الاراضي المجاورة للبنان من الشمال. وعرفت سوريا كيفية استعمال الورقة اللبنانية لفك الطوق الغربي عنها، وكان الجمود على الساحة اللبنانية خير دليل حتى اعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري صراحة معادلة "س-س" (اي سوريا- السعودية) لانفراج الوضع. واتت احداث 7 ايار لتعلن فوز دمشق في فك العزلة من جهة، وفي سحب بساط الازمة اللبنانية من اليد السعودية لوضعه في متناول القطريين، مع اللعب على الوتر الايراني في الخليج لـ"دغدغة" السعوديين.
ومرة جديدة، فشلت المساعي العربية والغربية التي بذلت لانضاج تقارب سوري- سعودي، ولكنها نجحت في احتواء ازمة علنية كانت بوادرها قد لاحت بقوة مع اغتيال عماد مغنية، حيث سربت السلطات السورية امكان تورط ضباط سعوديين في المسألة وانها اعتقلت احدهم، وكادت تصل الامور الى حد القطيعة الدبلوماسية.
ولفتت المصادر الى اننا ندخل اليوم فصلاً جديداً من فصول المواجهة في هذه الحرب، على الارض اللبنانية، اذ اعتبرت السعودية ان ما حصل في الشمال بين السنّة والعلويين لا يمكن القبول به، وان ما تتعرض اليه طرابلس من تفجيرات يحمل بصمات سورية، ولم يحمل الرد السوري الكثير من الدبلوماسية، فكان فظاً واتى على لسان الاسد مباشرة حين قال ان طرابلس باتت مركزاً للسلفيين، وهو امر يحمل دلالات خطيرة، ويجعل كل الاحتمالات واردة، علماً ان السنّة باتوا يعتبرون هذه المنطقة ملاذهم الوحيد.
وخلصت المصادر الى التأكيد ان حلحلة الوضع في الشمال عموماً وطرابلس خصوصاً، يتطلب تقارباً بين السعودية وسوريا، والا فإننا سنعيش فصلاً جديداً من فصول الحرب الباردة ومعركة جديدة من معاركها في انتظار الحرب الاخيرة.

الله يهدّي البال

:jfhf: