قال الله تعالى : ( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَة الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْر * تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيَها بِإِذْنِ رَبّـِهم مِّن كُلِّ أَمْر * سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ) صدق الله العلي العظيم .
القدر في اللغة : كون الشيء مساوياً لغيره من غير زيادة ولا نقصان ، وقدّر الله هذا الأمر بقدره قدراً : إذ جعله على مقدار ما تدعو إليه الحكمة .
أنزل الله تعالى القرآن الكريم جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا ـ أو إلى البيت المعمور في السماء الدنيا ـ في ليلة القدر ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ) الدخان : 3 ، وهي ليلة القدر .
ثمّ كان جبرائيل ( عليه السلام ) ينزله على النبي محمّد ( صلى الله عليه وآله ) نجوماً بأمر الله تعالى ، وكان نزول القرآن الكريم من أوّله إلى آخره في ثلاث وعشرين سنة .
ويجب أن يتبادر إلى الذهن أنّه ليس ابتداء نزول القرآن في ليلة القدر ، ولا إنزال بعض الآيات القرآنية في ليلة القدر ، لأنّه لو كان كذلك ، فهو ينزل أيضاً في بقيّة الأيام والليالي ، فما فضل هذه الليلة على سواها ؟!
ولا نزول سورة القدر في ليلة القدر ، لقوله تعالى : ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ ) فضمير أنزلناه يعني القرآن ، وليس سورة منه ولا بعض منه .
إذن ، وجب أن يكون نزول القرآن جملة واحدة في ليلة مباركة ـ من اللوح المحفوظ إلى السماء ـ وهي ليلة القدر ، ومن ثَمّ نزل نجوماً على النبي محمّد ( صلى الله عليه وآله ) .
معنى ليلة القدر :
سمّيت ليلة القدر ، لأنّها الليلة التي يحكم الله فيها ويقضي ، بما يكون في السنة بأجمعها إلى مثلها من السنة القادمة ، من حياة وموت ، وخير وشر ، وسعادة وشقاء ، ورزق وولادة ، و ... .
ويدل على ذلك قوله تعالى : ( فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ) الدخان : 4 ـ 5 .
ففرق الأمر الحكيم يعني إحكام الأمر الواقع بخصوصياته التقديرية ، وإمضاءه في تلك الليلة رحمة من الله إلى عباده .
وقيل القدر : بمعنى المنزلة