في القاموس اليهودي: أين اختفت الكلمة السادسة "لا تقتل"؟
15 أيلول 2008 نوح كليغر - "يديعوت أحرونوت" الاسرائيلية
يوم الخميس الماضي، عندما كنا نجلس في فريق الاخبار في أسرة التحرير ونتابع البث التلفزيوني الذي انبأنا بالعثور على جثة روز الصغيرة توجه الى بعض العاملين في الصحيفة وسألوني "عندما كنت شابا هل تصدق أن يهوديا بوسعه أن يرتكب مثل هذه الجريمة؟"
واضح ان لا، أجبت بشكل تلقائي، واضفت على الفور ما ادعيه وسبق أن كتبته منذ سنين: في نحو الفي سنة من المنفى لم يكن هناك جرائم قتل في الشعب اليهودي تقريبا. سراقون كانوا، بل وكثير منهم، وكذا سالبون ومقتحمون، غشاشون وبغايا وقواد ايضا، ولكن عدد القتلة يمكن أن يحصى على اصابع يد واحدة. على مدى قرابة الفي عام في المنفى احترم اليهود الكلمة السادسة: "لا تقتل".
حقا، في بداية القرن العشرين، في الولايات المتحدة، ظهر بعض القتلة اليهود في العصابات في نيويورك وشياغو ولكنهم كانوا استثناء لا يدل على القاعدة. وبقي هذا الوضع على مدى عشرات السنين، وكذا في السنوات الاولى للدولة اليهودية الجديدة.
أذكر مثل اليوم الذهول الذي اصابنا جميعا في العام 1949، عندما قتل ديفيد يعقوبوبتش دانييل فاكتوري في حديقة مئير في تل أبيب. كل الدولة كانت في صدمة. "يهودي قتل يهوديا هنا في تل أبيب، كيف يحتمل هذا؟" صدم الجميع. ولكل من يعيش اليوم في اسرائيل ستبدو هذه ليس فقط سذاجة وانقطاعا عن الواقع بل امورا تنتمي الى عالم آخر. ومنذ سنين لا يوجد يوم لا يقتل فيه شخص في اسرائيل بل واحيانا اكثر. في دولة اليهود الحديثة يقتلون بسبب نزاع على مكان ايقاف السيارة، نزاع بين صاحبي كلبين، او ملاحظة وحتى نظرة نحو فتاة في النادي. الكثيرون يقتلون لمجرد "هكذا"، من اجل "المتعة"، ناهيك عن الضحايا بالصدفة لحروب عائلات الجريمة على أنواعها.
وكل شيء يبدأ في المدرسة، بل وحتى في الابتدائية. التلاميذ يمتشقون السكاكين، العصابات - من البنات ايضا - تعذب وتبتز اطفال آخرين، تلاميذ يهاجمون المعلمات، اباء وأمهات يهاجمون المدراء.
جد يقتل حفيدة، اب يقتل ابنة، امهات تقتلن اطفالهن الصغار. لا نهاية للعربدة، لا نهاية للوحشية، لا نهاية لتحطيم الضمير والحساسية الدنيا تجاه حياة الانسان. بالذات في دولة اسرائيل التي حلم منشئوها ومواطنوها الاوائل في أن تكون "نور للاغيار"، مثال يحتذى للدول والشعوب الاخرى بالذات في الدولة التي عاد اليها الشعب بعد الفي عام من المنفى، فقد يهود كثيرون كل كابح، كل نزعة انسانية.
لا يا اصدقائي. عندما كنت شابا، في المكان الادنى الذي عرفته البشرية في تاريخها، في معسكر الابادة في اوشفتس، لم اؤمن بأن اليهودي قادر على ان ينفذ مثل هذه الجريمة، وبالتأكيد ليس عندما نجوت من الجحيم وجئت الى دولة اليهود الجديدة. فهل يعتقل ان دولتنا بالذات انتجت نوعا جديدا من اليهود؟