حجة "الغباء اللحظي" في صفوف الجيش الاسرائيلي
06 آب 2008 كوبي نيف - "معاريف" الاسرائيلية
ردا على السؤال المقلق أي جيش يوجد لنا الان، بعد سنتين من حرب لبنان الثانية، جاء جواب مظفر في سلسلة الاحداث التي وقعت مؤخرا في قرية محتلة صغيرة وتدعى نعلين. كل شيء بدأ في صور فيديو التقطتها فتاة من القرية، وبدا فيها جندي يطلق "من مسافة صفر" عيارا مغطى بالمطاط على قدم شاب فلسطيني مكبل، يمسك به ضابط من الجيش الاسرائيلي برتبة مقدم.
حتى نشر الصور لم تتخذ سلطات الجيش أية بارقة عقاب او توبيخ تجاه من شارك في الحدث. وذلك ليس لان نبأ الحدث لم يصل الى سماعهم أو لانه اخفي عن ناظريهم. العكس تماما. فليس فقط كان هناك جنود كثيرون شهدوا الحدث، وليس فقط هناك ضابط كبير برتبة مقدم كان مشاركا في الحدث، بل ان وقوعه نقل الى علم مستوى قيادة اللواء وربما الفرقة ايضا. ومع ذلك، فلم يحرك قادة الجيش الكبار اولئك أي أصبع موبخة لا تجاه الجندي مطلق العيار ولا تجاه المقدم شريكه في الجريمة.
يمكن بالطبع ان نعصب عيوننا وان نستخف كالمعتاد بطبيعة هذا السلوك لضباطنا الكبار فنعتبره غباء لحظي، وليس لا سمح الله، مثلما يفهم من طبيعة السلوك العام للجيش الاسرائيلي في هذه الحالة، كنمط متجدر لدرجة عجيبة. غير أن حجة "الغباء اللحظي" غدت مؤخرا حجة تلقائية لكل ضابط في الجيش الاسرائيلي يخرق القانون ويكذب مثلما ايضا في حالة العميد تشيكو تمير وقضية سياقة ابنه القاصر للتراكتور العسكري. وفي مقال محدد نسأل هنا - ماذا، هذا ما يفترض به ان يهدىء روعنا - في أن الضباط الكبار لجيشنا ليسوا اشرارا، لا سمح الله، بل فقط أغبياء، الحمد لله؟
غير أنه منذئذ ظهرت، من خلال صور الفيديو، أفعال الجيش الاسرائيلي أمام الملأ، حينئذ فقط، لانعدام البديل، تغيرت فجأة وللوهلة الاولى ردود الفعل. الجندي قال ان قائد الكتبة هو الذي أمره باطلاق النار على الفلسطيني أما قائد الكتيبة فنفى وقال انه امر الجندي فقط بان يهز سلاحه كي يخيف الفلسطيني المكبل. ولكن بفحص آلة الكذب لدى الشرطة العسكرية تبين أن قائد الكتيبة يكذب. فهل قدم الى المحاكمة؟ هل طرده من الجيش يكلله العار؟ ما القصة - بالاجمال اخرج قائد الكتيبة المنكل والكاذب في اجازة.
وبالمقابل، اوقف الجيش الاسرائيلي والد القتاة التي صورت النار على الفلسطيني المكبل، من يدري، فقد يقدم الى المحاكمة بل ويسجن ايضا لعدة سنوات بتهمة تمرد ما ضد الاحتلال المتنور، ولكن جيش دفاعنا لم يكتفِ فقط بتحذير الحبس هذا تجاه سكان القرية. فبعد بضعة ايام من ذلك بصلة او دون صلة بالحدث السابق أطلق الجيش الاسرائيلي نيرانه فقتل في قرية نعلين طفل ابن عشر سنوات، شارك في تظاهرة ضد سور الفصل، وحسب تقارير الجيش "عرض حياة الجنود للخطر". عقاب الجيش الاسرائيلي للضابط والجندي اللذين اطلقا النار على شخص مكبل هو اعتقال قصير، بالاحرى انتهى حاليا، ويمكن ان يعد اجازة، اما عقاب الجيش الاسرائيلي لسكان القرية المحتلة التي تجرأت على التظاهر ضده وتصوير جنودنا ينكلون بابنائها، فهو تهديد حقيقي لسكان القرية.
والان انتم تعرفون بالضبط أي جيش يوجد لنا اليوم، بعد 41 سنة من احتلال المناطق المؤقت اياه في عام 1976.