... وفي 20 تموز العام ,2006 حضنته الأرض التي قاتل من أجلها على امتداد 35 عاما.
هاني علوية هو شهيد آخر من مارون الراس. استشهد وهو في الخمسينيات من عمره، خلال المواجهات مع العدو.
بدز نضاله كمسعف، ثم تنقل في مختلف القطاعات في حركة «أمل»، الاجتماعية منها والصحية والخدماتية، لكن عينه كانت دائما على ميدان المعركة ضد العدو الذي أخبره عنه كثيرا أستاذه الإمام موسى الصدر. يروي ابو محمد، وهو أحد رفاق الشهيد القدامى، ان الحكاية «بدأت في 15 آب 1956 عندما ولد «أبو علي»، وعاصر من يومها جميع الاعتداءات الاسرائيلية على البلدة وأهلها».
وجد أبو علي في حركة الامام الصدر طريق خلاص له ولأبناء مارون الراس من هذا العدو، فانتسب الى «أفواج المقاومة اللبنانية» منذ انطلاقتها الاولى كمسعف بداية، «إلا أن تعلقه بأرضه وعشقه للشهادة واندفاعه لرفع الظلم عن الجنوبيين، كلها عوامل دفعته ليصل، وفي فترة وجيزة، ليصبح المسؤول العسكري للمنطقة المحتلة وبعدها مسؤول غرفة العمليات» بحسب أبو محمد.
ولم يمنعه مركزه القيادي من المشاركة بنفسه أحيانا في العمليات، لذلك فقد حاول العدو مرارا التخلص منه وقد نجا من ثلاث محاولات اغتيال كاد في إحداها أن يفقد ولده البكر علي.
لم يسمح له عمله القيادي العسكري من عيش حياة طبيعية. فكان يسرق الوقت سرقة، مرة أو مرتين في الشهر، فيزور أهله وأقاربه. وتمكن ابو علي من أن ينشئ أسرة، زينها بتسعة أولاد.
ولأنه أراد لأبنائه أن يسيروا على الطريق التي آمن بها وعمل لها طوال حياته، فقد أشرك أحد أولاده في عملية الهجوم على موقع برعشيت وكان حينها يبلغ من العمر عشر سنوات فقط.
يقول رفيق الدرب «صحيح أن القائد هاني علوية استشهد وركب موكب الشهداء الذين سبقوه كالشهيد محمد سعد وخليل جرادة وبلال فحص وداوود داوود وغيرهم من الشهداء الذين زرعتهم «حركة أمل» في الأرض، لكن الشــــهيد ترك في هذا الوطــن تسع نسخ من هاني علوية ينتظرون فرصة للدفاع عن الوطن». ميدانيا، تنقل الشهيد ابو علي متابعا كل المراحل الجهادية التي مرت بها حركة «أمل» جنوبا وحتى في تل الزعتر وذلك حتى العام .1976 بعدها، عاد الى مارون الراس حيث شارك في التصدي للعدو خلال اجتياح العام 1978 فشارك في معارك تلة مسعود ومارون الراس، وبين العامين 1978 و,1982 تابع عمله الجهادي في حي السلم قبل أن تبدأ رحلة مقاومته الحقيقية التي انتظرها. عين بين العامين 1982 و1985 قائدا لعدد من مجموعات المقاومة في مختلف قرى الجنوب وبعدها قائدا لغرفة العمليات الحركية، فكان قائدا ومخططا ومنفذا لأنجح العمليات ضد العدو وعلى مختلف محاور الجنوب. في العام ,1989 عين مسؤولا عسكريا للمنطقة المحتلة (الشريط الحدودي آنذاك) حتى العام .2000
بعد التحـــرير، عين مسؤولا عن المنطقة المحررة قبل أن يتسلم المسؤولية التنـــظيمية للـــحركة في مسقـط رأسه مارون الراس حـــتى تاريخ استشهاده.
يقول أبو محمد: «أي كلام يمكن قوله عن «أبو علي» لا يقارن بما كتبه هو نفسه، بدمه، على الأرض التي طالما أحبها... فأحبته بدورها».