ابن الإمام موسى في لقاء مع مجلة الأهرام العربي
الإمام القائد السيد موسي الصدر ما زال حيا يرزق
الإمام القائد السيد موسي الصدر ما زال حيا يرزق مع رفيقيه وهم حتما سيعودون ونحن في انتظار وفادتهم في أي لحظة, فهم في مكان آمن وبات معروفا لدي بعض الجهات المعنية..وعندما يأتي الإمام سيقول كل شيء..إنه لايزال في ليبيا وفي ضيافة العقيد معمر القذافي تحديدا ولا مجال للشك في ذلك.هكذا فاجأنا النجل الأكبر للإمام الصدر الدكتور صدر الدين الصدر, ومن هنا لم يكن غريبا أن يقول نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلي الشيخ عبد الأمير قبلان قبل أكثر من شهر: نحن علي أهبة الاستعداد لاستقبال الرئيس الليبي في لبنان بالترحاب والتكريم شرط أن يكون معه الإمام المغيب موسي الصدر' فالشكوك التي قيلت في الماضي حول مغادرته طرابلس الغرب واختفائه في إيطاليا تبددت مع تأكيد وجوده في ليبيا.
أكد الدكتور الصدر علي أن ما يقوله ليس تكهنا أو افتراضا, بل هو يقين لا يقبل الشك أو التأويل فالإمام يلازمه كظله كما يقول في اليقظة والحلم..يصمت قليلا ويبتسم ويتحدث بلغة الواثق: لقد جاءني في الحلم في إحدي الليالي وأبلغني بأنه حي يرزق وسيعود قريبا..ولدي شعور قوي بأن الحلم سيتحقق قريبا وقريبا جدا إن شاء الله'.
الحديث مع الصدر الابن خريج جامعة السوربون الفرنسية في علم الاقتصاد يشدك إلي الغوص في الأعماق, فهو سر أبيه وله خصاله, يحدثك بلغة الواثق وينتقي كلماته ومفرداته ربما من مدرسة الإمام الغائب في أغرب حادثة عرفها التاريخ الحديث, ليس لكونه ابن القائد بل لأنه يضع النقاط علي الحروف ويعطي البراهين ويصل بك الي حدود اليقين.
فبعد حوالي ربع قرن من اختفاء الإمام الصدر عادت صورته تتصدر المقدمة, فشكلت الحكومة اللبنانية لجنة وطنية عليا لمتابعة القضية وبلغت حدودها القصوي مع بدء التحضير للقمة العربية في بيروت حيث وجد الشيعة أن هذه المناسبة يجب أن تشكل الحد الفاصل لهذه المأساة غير أن الضغوط التي مورست علي المعنيين بدلت هذا التوجه وتم الفصل بين قضيتي الصدر والقمة.
منذ اليوم الأول لغياب الإمام الصدر تولي صدر الدين مهمة مسيرة والده السلمية فهو المؤتمن علي الرسالة والحافظ ربما لأسرار لا يعلمها أحد سواه محيط بأدق تفاصيل قضية والده ويناضل علنا وسرا لتحقيق ما يصبو إليه وعودة الإمام الصدر تعني له الكثير أسوة بجميع اللبنانيين الذين يعيشون علي أمل عودة الغائب خصوصا أنصاره ومحازبيه ومحبيه من كل الفئات وعندما حاورناه لاحظنا أنه يحمل هموما تتصل مباشرة برسالة الإمام الأب وكان السؤال البديهي: هل لديك يقين في أن الإمام الصدر لايزال حيا في ليبيا؟
بالتأكيد وأنا أستند فيما أقول إلي معلومات أكيدة من مصادر عربية كانت تؤكد لنا علي سلامة الإمام وعلي مسئولية القذافي عن تغييبه وسعي تلك الجهات إلي إطلاق سراحه, كان ذلك في أثناء السنة الأولي علي تغييب الإمام.. ثم بدأت تلك الاهتمامات تتضاءل ولكن اليوم يختلف الأمر فهناك مباحثات جادة يقوم بها الرئيس الإيراني محمد خاتمي مباشرة مع العقيد القذافي ومندوبه الشخصي أحمد قذاف الدم, والرئيس خاتمي متفائل بهذه المباحثات لأنه يعتقد أنها ستؤدي إلي إيجاد الإمام الصدر ورفيقيه.
** ولكن علي ماذا تبني قناعتك بدور القذافي في تغييب الإمام؟
علي آراء للإمام تختلف عن آراء القذافي, فالإمام كان يعتقد أن الحل في لبنان لا يقوم إلا علي الحوار وكان ضد الاقتتال وفي الأصل كان القذافي ممول الحرب في لبنان.. وكان يدفع كل ما يلزم حتي لا يكون في لبنان أمان وسلام.. الإمام كان يقول: إن السلاح هو زينة الرجال.. ولكن زينة الرجال أمام العدو الإسرائيلي وليس في الداخل.. أسباب القتال كانت معروفة: الدفاع عن الثورة الفلسطينية وعن أرضنا ضد الخطر الصهيوني.. والدفاع عن وحدة لبنان ضد التقسيم.. والدفاع عن مواقعنا ومدننا وقرانا.. في الحرب اعتصم الإمام لأنه كان يعرف أخطار الحرب.. وعلي هذا الأساس قطع اعتصامه ليذهب ويحمي شخصيا إخوانه المسيحيين في البقاع الذين كانوا محاصرين في بلدة القاع.
** مادام الإمام يعرف أهداف القذافي لماذا ذهب إليه؟
آخر مرة ذهب فيها الإمام إلي ليبيا كان في العام1975, وكان ذلك للتداول في آراء ليس فقط حول الوضع اللبناني بل حول الوضع الإقليمي والدولي ككل. وفي ذلك الوقت لم تكن الحرب اللبنانية قد استعرت بعد.. ويبدو أنه حدث اختلاف في الرأي بين الإمام والعقيد.. وأثناء الحوار وضع القذافي طاقيته فوق عينيه ونام وهو فعل ذلك في لقاء رسمي مع الإمام.. وكان هذا آخر لقاء بين العقيد والإمام وهكذا لم تكن هناك أي علاقات جيدة بينهما..هل تعرفون أن الرائد عبد السلام جلود كان يأتي إلي لبنان في أثناء الحرب ويبقي فيه شهورا وكان موقفه المعادي للإمام واضحا وكلنا نذكر ما كان يقوله اتباع القذافي في لبنان في العام1978 عن الإمام؟ فقد كان يذهب إلي ليبيا من أجل لبنان.. هذا ما كان يحكم كل رحلاته.. مواقفه كانت شجاعة لأنه كان مؤمنا بما يقوم به.. ففي أكثر من موقف تاريخي كان لبنان يواجه مراحل تتحدي مصيره. ولهذا كان الإمام يستعين بالقيادات العربية والرؤساء.. يذهب إليهم ويدعوهم إلي الاجتماع في قمة إما مصغرة أو موسعة وله الفضل في انعقاد أكثر من قمة عربية.. والرئيس بومدين هو الذي اقترح علي الإمام التدخل ويجتمع مع العقيد القذافي مادام له قدم في لبنان.. وطلب بومدين إلي الإمام أن يذهب إلي ليبيا ويبحث مع العقيد في الأمر.
** هل كانت وراء تغييب الإمام مسائل واضطرابات مالية وليس فكرية بين الإمام والقذافي؟
هذه افتراءات كان يرددها الذين كانوا يعملون تحت إمرة العقيد الذي كانت كل أمواله ومساعداته تذهب إلي أعوانه فقط.. ولم يكن بإمكان القذافي العمل علي مساعدة لبنان وأمنه واستقراره. الإمام لم ينل من تلك الأموال شيئا.. ومعروف أنه لم يكن يملك أي مال يذكر عندما انتهج السياسة الحكيمة التي كرسها لخدمة لبنان وشعبه.
** ولكن القذافي كان قادرا علي تصفية الإمام في لبنان, ولم يفعل لماذا وهل من دور للمافيا العالمية أو ما يسمي بالجريمة العالمية المنظمة؟
لا أدري لماذا لم يقتل القذافي الإمام في لبنان. وهذا سؤال يجب طرحه علي القذافي نفسه ولكنني أعرف أنه كانت تحاك ضد الإمام عشـرات المحاولات لاغتياله.. ولعل أهمها كان تعرضه لإطلاق نار كثيف عندما كان يقوم بمحاولة إصلاح ذات البين ما بين الرئيس السوري حافظ الأسد والفلسطيني ياسر عرفات.. ويومها حوصر منزل الإمام وتم تهديدنا نحن عائلته.. بالإضافة إلي الكمائن التي كانت تنصب علي الطرقات التي كان يسلكها في تنقلاته.
صحيح أنه كانت هناك أطراف عديدة يختلف رأي الإمام معها.. ومنها السافاك, البوليس الإيراني وعدد من اليساريين اللبنانيين والعرب أيضا. ولكن مقابل كل تلك الجهات هناك جهات سياسية ضالعة في التغييب إذا لم يكن القذافي في الجهة الأقوي فيها.. وهي مقرونة بحقائق تثبت تورطه وعندها لا لزوم للتفتيش عن حقائق ثابتة لدي جهات أخري.. وهي حقائق موثوق بها ومبنية علي تحقيقات قانونية إيطالية ولبنانية ومؤيدة من قبل مراجع دولية.. أنت أمام حقيقة وليس هناك ما يدعوك للتفكير في مجالات أخري.
** ولكن ماذا يثبت لديكم أن القذافي هو المسئول الأول؟!
هناك معلومات أكيدة قائمة علي ان الإمام في31 أغسطس من عام1978 استقل طائرة إيطالية مع رفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين وسافروا إلي إيطاليا.. وهذا ما يدعيه القذافي باستمرار منذ ذلك التاريخ وحتي اليوم.. ولكن القضاء الإيطالي وبعد تحقيق مفصل ومطول أثبت العكس وخاصة بعد إجراء مقابلات مع ربان الطائرة والمضيفات والمضيفين وتكلم إلي عدد كبير من المسافرين الذين كانوا علي نفس الرحلة.. كلهم أكدوا أنهم لم يشاهدوا معهم شخصا بالأوصاف التي يتميز بها الإمام: العمامة والطول الفارع.. كما أن الشيخ محمد يعقوب لم يكن أقل منه طولا. ولهذا لا يمكن ألا يسترعي وجوده علي طائرة عملاقة تنقل مئات الركاب دون أن ينتبه المسافرون إلي وجوده ويسترعي انتباههم. ومن بين الوثائق الليبية الملفقة أنهم طلبوا إلي اثنين من ركاب الدرجة الأولي أن يذهبا إلي الدرجة الثانية ليجلس مكانهما الإمام والشيخ محمد يعقوب.. ولكن القضاء الإيطالي أثبت أنها غير صحيحة وكذلك قال البوليس الإيطالي إنه لم يتعرف إلي هذين الشخصين هل تريد إثباتات أقوي من ذلك هذا هو الدليل الأول لنثبت أن الإمام مازال في ليبيا, أنا لا أتكلم هنا عن المسئولية الأخلاقية.. فالإمام كان ضيفا علي القذافي.. فهل يمكن أن يترك ضيف هكذا.. والدليل الثاني جاء مباشرة في اليوم التالي: تم إرسال أناس مع جوازات سفر وحقائب إلي إيطاليا وهناك قام هؤلاء بنفي أن أشخاصا طبق المواصفات سبق أن جاءوا إلي روما.. واكتشف التحقيق الإيطالي أن الإمضاءات كانت مزورة وكذلك جوازات السفر كانت ممزقة و'ملعوب فيها' لا أدخل الآن في تفاصيل أوسع.. وكلها موجودة في التقارير.. ولكن أن يفعل الليبيون أشياء من هذا القبيل فإنها في الواقع أمور تدينهم.
** وماذا عن رأيكم في القمة العربية؟
نحن مع انعقاد القمة العربية في بيروت فهي تكريم للإنجاز الذي قام به الشعب اللبناني.. فلبنان هو البلد الوحيد الذي استطاع دون أن يستسلم أن ينتصر علي الوجود الإسرائيلي داخل أرضه.
ألم يكن للإمام في ذلك الفضل الأكبر في تأسيس المقاومة, والمجتمع المقاوم, والوحدة الوطنية ومؤتمر القمة الذي سيعقد في بيروت.. نعتبره أكبر تكريم للإمام الصدر ولكن يمكن لنا أن نفصل بين انعقاد القمة وقضية الإمام الصدر, ولكن لا يمكن أن نفصل بين قضية الصدر وموقف القذافي.