حقيقة ما يحصل في السودان

موضوع: حقيقة ما يحصل في السودان 2008-07-17, 02:32

الفصل صعب ان لم يكن مستحيلا بين ما هو سياسي وبين ما هو قضائي في قرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بطلب اصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني عمر البشير، ما يمنع تلك السابقة المثيرة من ارساء تقليد في العدالة الدولية او افتتاح نهج في السياسة الدولية. والامثلة كثيرة على خطورة ذلك القرار الاول من نوعه في تاريخ النظام العالمي المعاصر.
ليست ازمة دارفور مشكلة سياسية او امنية معقدة. هي اقرب ما تكون الى الفضيحة بكل المعايير. وهي كذلك بالنسبة الى السودان الشقيق، كما بالنسبة الى الغرب الذي رفعها مؤخرا الى مستوى سياسي مثير للجدل والشبهة.. قبل ان يحيلها الى تلك المحكمة بالذات التي لا يحترمها ولم يوقع على معاهدة انشائها.
الازمة لا تقتصر على القراءة السطحية التي اوحى بها المدعي العام لويس مورينو اوكامبو في قراره المفاجئ: قبائل منتشرة في ذلك الاقليم الواقع الى الغرب من السودان، شعرت بضعف الدولة السودانية المركزية فقررت التمرد والمطالبة بالحكم الذاتي الذي حصل عليه اهل الجنوب السوداني، فما كان من الخرطوم الا ان شنت حملة ضارية اودت بحياة اكثر من نصف مليون انسان.
القصة بدأت عندما اشتبهت بعض الشركات الاميركية بوجود نفط في الاقليم فعمدت اولا الى استمالة القبائل لحماية مناطق الاستكشاف والحفر ثم الى استبعاد رموز السلطة المركزية وانصارها، وأهمهم الجنجويد، الى ان حصل الاشتباك الطبيعي بين الجانبين، واطلقت حملة في اميركا شارك فيها كبار الفنانين والمثقفين والاعلاميين تحت عنوان الاضطهاد العربي للافارقة، مع ان الجنجويد لا يتحدرون من جذور اسكندنافية... الى ان تبين ان دارفور لا تحتوي على النفط، الذي اكتشفه الصينيون في الشرق السوداني، بل على بحيرة من المياه الجوفية متصلة بواحدة مثلها في البلد الواقع الى الغرب ، اي تشاد.
مع ذلك، ظل الاشتباك مستمرا بين المتمردين والسلطة، وشهد الكثير من المذابح المتبادلة، وجهود التسوية، ومساعي الفصل بواسطة قوات افريقية دولية مشتركة الى ان تطور الامر مؤخرا الى محاولات انقلابية من جانب التمرد بلغت ام درمان على مشارف الخرطوم وحملات عسكرية تلامس حدود تشاد التي تدعم التمرد، مع انها لا تملك جيشا ولا خبزا لاطعام شعبها.
من داخل هذا السياق، جاء قرار مدعي عام المحكمة الدولية ليتوج حملة غربية انتهت مع نهاية شبهة النفط في دارفور، ويساهم في تأجيج صراع داخلي سوداني، بأغرب وأسوأ طريقة ممكنة: استهداف رئيس دولة تكافح بطريقة عشوائية ودموية من اجل البقاء موحدة، وتعتبر ان ذلك الرئيس، عمر حسن البشير، هو آخر رموز الوحدة وعناوينها.. يعادل تفجير حروب اهلية لا تنتهي في ذلك البلد المعذب بمثل هذه الحروب منذ ثمانينيات القرن الماضي.
المثال اللبناني حاضر، وهو لا يستدعي سوى الاقلاع عن هذا المزاح الدولي الثقيل.

موضوع: رد: حقيقة ما يحصل في السودان 2008-07-23, 05:21

:baraka allah: