قبل ان نخرب طهران ألم نحتل بنت جبيل من قبل؟

قبل ان نخرب طهران ألم نحتل بنت جبيل من قبل؟

07 تموز 2008 ايتان هابر - "يديعوت أحرونوت" الاسرائيلية

قبل سنوات كثيرة، في مقر قيادة "الموساد" في تل ابيب، جلس يهود آخيار وحاروا في مسألة مهمة: هل وكيف يرد على موجات نشرات في الاعلام العالمي عن عمليات رائعة منسوبة دائماً الى الموساد؟ هل ينكر علناً مشاركة افراد الموساد في عمليات لم تكن لهم بها اي صلة ؟ ايصمتون؟ ايشيرون باشارات تفسر اننا نحن حقاً؟
كان القرار انذاك ولا يزال ساري الفعل الى اليوم ايضا الا نصدق ولا ننكر. ان نصمت ببساطة. كان فرض العمل انه اذا انكروا لمرة واحدة، ولو واحده فقط عملية او قولاً منسوبين الى الموساد ورجاله، فسيكونون مضطرين منذ ذلك اليوم الى تصديق او انكار كل نبأ ولن يكون لكل هذا نهاية.
ولم يكن لذلك نهاية. فلعدة سنين نسب الاعلام العالمي الى الموساد الاسرائيلي كل عمل قتل او اختطاف او دخول عجيب من طريق مدخنة الى قيادة ما وخروج من انبوب المجاري. هكذا حصل الموساد على مجده في العالم. اصبح افراده يشبهون بأبناء الاله، والاساطير، والسحرة والرجال الممتازين (وفي الاسبوع الماضي في مؤتمر ما رأيت عشرات ومئات من خريجي الموساد، وكانوا اناس عاديين. عجبٌ عجيب).
ماذا يعني ذلك؟ لعدة سنين قاموا هنا حقاً باعمال وعمليات ونشاطات وحروب لم يكن لها مثيلٌ آخر في العالم. تستحق قوات الامن، عندنا والجيش والموساد والشاباك اطراءات لا حدود لها. لكن في خلال السنين صعد سائل عضوي ما الى رؤوس كثيرين منا - ساسة وافراد جيش ولا سيما المستويات العليا، والصحفيين واوساط الناس ايضا. اصبحنا تآلفاً بين السوبرمان، وجيمس بوند وماري ببونز.
وعلق ذلك السائل في رؤوسنا لهذا نرفض نحن ايضا ان نقبل ولو فشلا واحداً او اذلالاً صغيراً، "ضربة في الجناح". نرفض ان نعترف بأن اعداءنا تعلموا دروساً، وطوروا تقنيات، ووجدوا عندنا نقاط ضعف. بربكم من هم اصلا؟
يبلغ الصلف الاسرائيلي في هذه الايام اوجه، كلما اقترب اتمام المنشاة الذرية في ايران: سنهاجم وحدنا (بلا افضال الاميركان، وسنعطبها، سنضربهم بقوة وسنريهم. نحن، نحن، نحن. الان فجأة، واليوم فجأة، نعود لنصبح رجالاًً (بعد اسبوع، سيكون قد مر على حرب لبنان تلك التي نريد نسيانها سنتان) ونقرع طبول الحرب: نفذنا تدريباً جوياً على مبعدة 1500 كم، وزار رئيس الحكومة ديمونا (يبدو انه اول رئيس حكومة يزور هناك لأنه لم ينشر الى اليوم ان آخرين فعلوا ذلك)، وعلى شاشة التلفاز تئز الطائرات، ويقرع افضل محللينا الطبول - بعد قليل جداً نحن، سنبين للايرانيين وبالطائرات الحربية من اين تبول السمكه.
لا اعلم ولا اريد ان اعلم هل ستهاجم اسرائيل ايران، اريد فقط ان اعلم ان قراراً مصيريا ويمكن ان نقول وجوديا كهذا يتخذ بعد تقدير وما لا يحصى من المشاورات (ايران = 71 مليون نسمة، واكثر من نصف مليون جندي، و120 الف من افراد "الحرس الثوري" و12 مليون متطوع، وجيش حديث)، بعد ان يكونوا قد اخذوا في الحسبان انه في الآن نفسه مع الهجوم الاسرائيلي سيستعمل حزب الله الـ 40 الف صاروخ ارض - ارض وقذائفه من لبنان على كل نقطة في اسرائيل تقريبا، وبعد ان يكونوا حسبوا جيداً ماذا يفعلون وكيف يردون اذا قررت سوريا اطلاق الالاف الصواريخ ومئات الصواريخ الكيماوية على كل نقطة في اسرائيل تقريبا، وبعد ان يكونوا اخذوا في حسابهم ان عملية مجيدة كهذه بغير الاميركان ، ستخلد حكم حماس في غزة وتنقله الى الضفة ايضا، وبعد ان يتذكروا ان عملية كهذه قد تثير العرب في اسرائيل ايضا. بغير استخفاف لا قدر الله بقدرة اسرائيل وقوتها، ومع انقضاء سنتين بعد حرب لبنان الثانية، لدي سؤال واحد آخر: قبل ان نخرب طهران ونسحق المفاعل الذري في نتانز، الم نحتل بنت جبيل من قبل؟

:baraka allah: