تأسست ألعاب البحر الأبيض المتوسط عام1951 بمصر , وشهدت دورتها الثالثة عشرة في مدينة باري بإيطاليا في جويلية 1997. إنها تظاهرة تعقد كل أربع سنوات, نظمت دوما في السنة التي تسبق الألعاب الأولمبية, حتى عام 1991, ثم و منذ عام 1993 أصبحت تنظم في السنة التي تتبع هذه الألعاب, و تشتمل على ثلاثين لعبة > اشتملت في السنة الأخيرة على 28 لعبة<. و تشهد هذه المنافسة الدولية نجاحا متناميا منذ إنشائها . و فيما يخص المشاركة , فقد زاد عدد الرياضيين من 700 إلى أكثر من 3000, و عدد البلدان المشاركة من 8 إلى 18 , و هي تضم بذلك مجموعة الأمم الواقعة حول البحر الأبيض المتوسط, باستثناء إسرائيل و فلسطين. و وراء الحدث الرياضي البسيط, تكشف هذه الألعاب الجهوية , التي اعترفت بها الحركة الأولمبية رسميا, مختلف الرهانات الجغرافية السياسية و المتعلقة بالهوية , و ذلك من خلال بعض أوجه تاريخها. من المهم أن نلاحظ, من خلال هذا التطور , أنه و منذ تأسيس اللجنة الدولية لألعاب البحر الأبيض المتوسط عام 1961, تمثل هذه اللجنة البنية الوحيدة الثابتة التي تجمع بلدان البحر الأبيض المتوسط ضمن سلطة ذات قرار. تبقى ألعاب البحر الأبيض المتوسط ظاهرة لم تدرس إلا قليلا نسبيا كما هو الحال بالنسبة لأغلبية الألعاب الجهوية, رغم مرور أكثر من أربعين سنة على تأسيسها. و هكذا و بالمقارنة مع الألعاب الأولمبية, فلم ينشر سوى مؤلف واحد مختصر عنها يعبر عن ميزتين: ضعف الإهتمام الإعلامي بها و نقص مصادر تمويلها. و إذا نحن عدنا إلى الوراء , سندهش من ضعف الذاكرة الجماعية المرتبطة بهذه الألعاب , على الرغم من الجودة المتزايدة و المتجددة لساحتها الرياضية و التي تتمثل في حضور أبطال أصليين بإنجازاتهم المتميزة. يعتبر الغياب شبه الكامل للمحفوظات الرسمية عملية طمس أو , على الأقل, صعوبة حقيقية في وجه كتابة تاريخ لها غير تاريخ الوقائع و النوادر. و أتاحت لنا مراجعة استثنائية في مصادر متحف الرياضة بالوصول إلى المصادر العصرية. كما سمح لنا التقاطع بين الوثائق ذات الأصول المختلفة ببناء بعض الفرضيات و بنتيجة أبحاثنا الوثائقية التي أكملناها من خلال مباحثات مع المدير الحالي للجنة الدولية لألعاب البحر الأبيض المتوسط السيد كولار, الرئيس السابق للجنة الأولمبية الفرنسية CNOSF , فقد اخترنا أن نوجه دراستنا في اتجاهين, ساعين إلى الجمع بين التقرب التاريخي و التقرب الجغرافي السياسي. و ذلك كي نحاول أن نضع الألعاب في سياقها الجهوي , و أن نحلل الدور المتعلق بالهوية لأكبر المنافسات الدولية. أضف إلى ذلك أننا سنكتفي بأن نشير ببساطة لهدا البعد, آخذين بالإعتبار العمل الهام في التحليل الرياضي الخاص بألعاب 1979 و 1983 الذي قام به ر. بوجاسو (1).