من أمراض القلوب الغضب, والغضب شعلة من النار ومن نتائجه الحسد والحقد وغليان القلب للانتقام والعياذ بالله. حين يغضب الإنسان تثور نار الغضب فيغلي بها دم القلب حتى ينتشر في العروق.
ومن علامات الغضب وآثارها يتغير لون بشرة الوجه والرعدة في الأطراف وفقدان الوعي.
فتخرج الأفعال عن الترتيب وعن الضوابط والحدود التي حدها الله تعالى للإنسان.
جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له أوصني: فقال لا تغضب, فقال مرة أخرى أوصني, فقال لا تغضب.. لا تغضب.
وللغضب علاج وعلاجه التأني وكظم الغيظ والعفو والحلم والاحتمال.
المسلم الذي يرى مكروها يغيظه فليكظم غيظه لأنه إذا تجرع جرعة غيظ أحبه الله, ما من عبد كظم غيظا إلا زاده الله عزا في الدنيا والآخرة.
ومن كظم غيظا حشا الله قلبه أمنا وإيمانا يوم القيامة (الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين).
فعلى الغاضب أن يجعل عقاب الله تعالى نصب عينيه, وان يقول قدرة الله عليّ أعظم من قدرتي على هذا الإنسان, فلو أمضيت في غضبي لم آمن أن يمضي الله تعالى غضبه عليّ يوم القيامة, فانا أحوج ما أكون إلى العفو.
وعلى الغاضب أن يحذر من عاقبة الأمور وعاقبة العداوة والانتقام والمضاعفات التي لا يعلمها إلا الله تعالى.
وعلى الغاضب أيضا أن يتفكر في السبب الذي يدعوه إلى الانتقام ويقدّر النتيجة التي تنجم بعد الانتقام لخير أو لشر. فليعمل لتضييق المشكلة دون تفاقمها.
وليخاطب نفسه قائلا تأنفي من الاحتمال الآن ولا تأنفي من العواقب في الدنيا والخزي يوم القيامة. لذلك يجب أن يكظم غيظه وغضبه.
وعلى الغاضب أن يعلم أن غضبه لله تعالى أم للشيطان والعياذ بالله فان كان غضبه لله تعالى فهذا يدل على حرصه على دينه وعقيدته, أما إن كان غضبه من الشيطان فينبغي له السكون وكظم الغيظ والتعوذ وتغيير الحال, فان كان قائما فليجلس وان كان جالسا اضطجع وتوضأ لان الوضوء يطفئ الغضب كما تطفي النار الحطب, وفي هذا يقول تعالى (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم* وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم* وإما ينزعنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله انه هو السميع العليم).
إن المسلم الحق يصل من قطعه ويعفو عمن ظلمه ويحسن لمن أساء إليه كما قال صلى الله عليه وسلم صل من قطعك, واعف عمن ظلمك واحسن لمن أساء إليك, وقد يسال سائل هل الإحسان يجب أن يكون أكثر من مرة للإنسان الذي يقابل الإحسان بالاسائه نقول له لا اترك الأمر لله, من ترك شيئا لله عوضه الله خير منه.
فيجب على المسلم أولا أن يعفو عمن ظلمه لان العفو لا يأتي إلا بالخير, ولا يزيد العبد إلا عزا وشرفا ولا يندم على العفو لان الندامة على العفو أفضل من الندامة على العقوبة, وشتان شتان بين نتيجة العقوبة ونتيجة العفو.
وعلى الغاضب أيضا أن ينصف الناس, ولا يرضى لهم بشيء إلا بمثل ما يرضاه لنفسه, وهذه قمة الأعمال وقمة الإيمان (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.
هكذا مواصفات المسلم الإيمان والرضا لغيره بمثل ما يرضاه لنفسه, المسلم يجب أن يكون شكورا حتى يحبه الله تعالى ويزيده من نعمه ومن فضله فمن كان شكورا لا يحرمه الله تعالى الزيادة. (لان شكرتم لأزيدنكم). فما علينا إلا أن نستعين بالله تعالى وان نلجأ إلى الله تعالى وان نتعوذ بالله من الشيطان الرجيم. الذي لا ينجم من نزغه إلا الغضب والفتنه والتنافر والنزاع والشقاق, لهذا كان الغضب شعلة من النار.