اوباما سيتحطم والشعب الاميركي هو الذي سيدفع الثمن
06 حزيران 2008 ياعيل باز ميلميد - "معاريف"
حان الوقت لرد الجميل للشعب الاميركي، وتعليمه شيئا ما في فكر السياسة والانتخابات. ليس في كل يوم تتسنى لنا الفرصة لان نعطي لكبرى الديمقراطيات وأكثرها فخامة درسا قصيرا، يقوم كله على تجربتنا المريرة. ليلة الثلاثاء اعلن باراك اوباما عن انتصاره في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي.
لا يوجد حتى ولو محلل واحد من بين الالاف الذين رافقوا هذه الانتخابات في الولايات المتحدة، كان بوسعه أن يتوقع ان يكون هذا ما سيحصل. هيلاري كلينتون كانت تتصدر الاستطلاعات في بداية السابق بأكثر من 20 في المائة، وبقيت هذه الفجوة لزمن طويل. كما أن ليس سلوكها في أثناء الحملة هو الذي ادى الى سقوطها. العكس هو الصحيح. كلما مرت الاسابيع، وفقدت ولاية إثر ولاية، رأينا أكثر فأكثر من أي مادة تتكون هذه المرأة الخاصة، غير المستعدة للتنازل وتواصل بحزم المهمة التي اخذتها على نفسها.
باراك اوباما انتصر بفضل حملة عبقرية، تركت غامضة تماما كل مسألة موضوعية، وصرخت من على كل منصة الكلمة السحرية "تغيير". كما نحن نريد التغيير كل الوقت إذ يخيل لن انه اذا ما جاء احد ما جديد لا نعرفه، فانه سيصلح كل مفاسد الماضي. حملاتنا الانتخابية مليئة بالتصويت لاحزاب جديدة، قامت انطلاقا من أزمة شديدة للناخب الاسرائيلي، استقبلت بالهتاف، قدمت قائمة من الاشخاص ممن لم يقل معظمهم شيئا للناخب، ولم يعرف احد من هم، وبالذات لهذا السبب اجترفوا الاصوات الكثيرة في صناديق الاقتراع.
تصويت احتجاجي يسمى انعدام المسؤولية السياسية هذه. نحن غير راضين من المؤسسة القائمة، من القيادة الحالية، إذن سنريهم، وسنصوت لمجموعة مهرجين بقيادة رافول، او رافي ايتان، او عالم الاثار المعروف، البروفيسور المبجل، الذي لم يدس يده ابدا في مجاري السياسة. فهم سيجلبون لنا التغيير. أي تغيير؟ لا يهم. المهم التغيير. ماذا يعرفون عن ادارة الدولة؟ من يهمه ذلك. التغيير سبق أن قلنا؟ لم نعد نريد هذا الحكم الفاسد. العالم القديم سنخربه من الاساس. المهم أن يأتي لنا أحد بالتغيير.
هذا الفخ هو الذي أوقع هيلاري كلينتون، التي كانت كفيلة بان تكون رئيسة ممتازة، وأن فتطير الجمهوريين وتحدث التغيير ولكن مع حفاظها على ما هو قائم. هيلاري هي ضحية بوش. لسبب ما، بسطحية جمهور الناخبين في كل مكان في العالم، فقد اعتبرت كمن تمثل واشنطن بوش وتشيني اكثر بكثير من جون ماكين، الذي رغم قربه في ارائه من بوش، اعتبر كخارجي. كرجل مستقيم، وطني كبير دفع ثمنا شخصيا باهظا، ولكنه ليس جزءا من النظام الواشنطوني الكريه.
وهي نعم. لانها جلست مع زوجها لثماني سنوات في البيت الابيض. نسوا لهذين الزوجين الازدهار الهائل لاميركا في الفترة اياها، الكاريزما المذهلة لبيل كلينتون، حقيقة أنه لم يتورط في أي حرب دموية طويلة المدى، مثل الحرب في العراق. وبالطبع، والاهم من كل ذلك، نسوا لها التغيير الثوري الذي تجلبه بفضل كونها امرأة.
باراك اوباما بالمقابل، يتخذ صورة من لم يكن له حتى اتصال بصري مع الادارة الاميركية ومع السياسة الاميركية، الكريهة جدا اليوم في نظر الجمهور. وبالفعل لم يكن له هذا. وعليه، فان الاميركيين سيدفعون لقاء ذلك ثمنا غير قليل. وذلك لانه اذا ما وعندما ينتخب ويدخل الغرفة البيضاوية، سيخنقونه على الفور بمشاكل العالم القديم. العراق، الاقتصاد المأزوم، مئات الاف الاميركيين الذين يلقى بهم من منازلهم في أعقاب عدم الايفاء بدفعات قروض الاسكان، اسعار الوقود المجنونة.
معظم المشاكل سيحلها مثلما حلها من سبقه، ومن سيأتي بعده. التغيير سيتعين عليه أن يتأجل، وهذا في افضل الاحوال. كما توجد امكانية الا يحلها، ومع مرور اربع سنوات من ولايته سيتحطم على الارض، تماما مثلما تحطم حزب داش وحزب المركز، وشينوي، وتسوميت، والمتقاعدين الذين وعدوا جميعهم بان ما كان لن يكون. واختفوا.