إن كنت فقيراً فغيرك محبوس في دين ، و إن كنت لا تملك وسيلة نقل فسواك مبتور القدمين ، وإن كنت تشكو من آلام فغيرك يرقدون على الاسرة البيضاء ومن سنوات ، وإن فقدت ولداً فغيرك فقد عدداً من الأولاد و في حادث واحد .. لأنك مسلم آمنت بالله و رسله و ملائكته و اليوم الآخرو القضاء خيره و شره لا تحزن ..
لا تحزن إن أذنبت فتب ، و إن أسأت فاستغفر ، وإن أخطأت فأصلح ، فالرحمة واسعة والباب مفتوح ، و الغفران جم ، و التوبة مقبولة .. لا تحزن لأن القضاء مفروغ منه ، والمقدور واقع ، و الأقلام جفت ، و الصحف طويت ، و كل أمر مستقر ، فحزنك لا يقدم في الواقع شيئاً و لا يؤخر، و لا يزيد فيه شيئاً ولا ينقص ..
لا تحزن لأنك بحزنك تريد إيقاف الزمن ، وحبس الشمس ، وإيقاف عقارب الساعة ، والمشي إلى الخلف و رد النهر الى مصبه .. لا تحزن لأن الحزن كالريح الهوجاء تفسد الهواء و تبعثر الماء و تغير السماء ، و تكسر الورود اليانعة في الحديقة الغناء ..
لا تحزن و أنت تملك الدعاء ، و تجيد الانطراح على عتبات الربوبية ، و تحسن المسكنة على أبواب ملك الملوك ، و معك الثلث الأخير من الليل ، ولديك ساعة تمريغ الجبين في السجود ..
لا تحزن فإن الله خلق لك الأرض و ما فيها ، وأنبت لك حدائق ذات بهجة ، و بساتين فيها من كل زوج بهيج ، و نخلاً باسقات لها طلع نضيد ، و نجوما لامعات ، و خمائل و جداول ، و لكنك تحزن ..
لا تحزن فأنت تشرب الماء الزلال ، وتستنشق الهواء الطلق ، وتمشي على قدميك معافى ، و تنام ليلك آمناً ..
لا تحزن .. أما ترى السحاب الأسود كيف ينقشع ، و الليل البهيم كيف ينجلي ، و الريح الصرصر كيف تسكن ، والعاصفة كيف تهدأ ؟! إذا فشدائدك الى رخاء ، و عيشك الى هناء ، ومستقبلك الى نعماء ..
لا تحزن لهيب الشمس يطفئه وارف الظل ، و ظمأ الهاجرة يبرده الماء النمير ، و عضة الجوع يسكنها الخبز الدافيء ، و معاناة السهر يعقبها نوم لذيذ ، و آلام المرض يزيلها لذيذ العافية ، فما عليك إلا الصبر قليلا والانتظار لحظة ..