كثيرة هي المسائل التي يجب مراعاتها حين تعهد بذرات فلذات أكبادنا ...
تربية الأبناء من أقدس وأنبل الوظائف الإنسانية...
والتي تتطلب الكثير من العناية والتعهد...
وهناك جوانب تستدعي عناية أكبر من غيرها:
كيف نعرف الطفل بالله تعالىالطفل مجبول بفطرته على الإيمان بالله تعالى ، حيثُ تبدأ تساؤلاته عن نشوء الكون وعن نشوئه ونشوء والديه، وتفكيره المحدود مهيأ لقبول فكرة الخالق والصانع
فعلى الوالدين استغلال الفرصة لتعريفه بالله تعالى الخالق في الحدود التي يتقبّلها تفكيره ، والإيمان بالله تعالى كما يؤكده العلماء سواء كانوا علماء دين أو علماء نفس
(من أهم القيم التي يجب غرسها في الطفل.. مما سوف يعطيه الأمل في الحياة والاعتماد على الخالق ، ويوجد عنده الوازع الديني الذي يحميه من اقتراف المآثم)والتربية والتعليم في هذه المرحلة يفضّل أن
تكون بالتدريج ضمن منهج متسلسل متناسباً مع العمر العقلي للطفل ، ودرجات نضوجه اللغوي والعقلي ،وقد حدّد الإمام محمد الباقر عليه السلام تسلسل المنهج قائلاً :
«إذا بلغ الغلام ثلاث سنين يقال له : قُلْ لا إله إلاّ الله سبع مرات ، ثم يترك حتى تتم له ثلاث سنين وسبعة أشهر وعشرون يوماً فيقال له : قُلْ محمد رسول الله سبع مرات ، ويترك حتى يتم له أربع سنين ثم يقال له : قُلْ سبع مرات صلى الله على محمد وآله ، ثم يترك حتى يتم له خمس سنين ثم يقال له : أيهما يمينك وأيُّهما شمالك ؟ فإذا عرف ذلك حوّل وجهه إلى القبلة ويقال له : اسجد ، ثم يترك حتى يتم له سبع سنين فإذا تم له سبع سنين قيل له: اغسل وجهك وكفيك فإذا غسلهما قيل له صلِّ ثم يترك ، حتى يتم له تسع سنين، فإذا تمت له تسع سنين علم الوضوء وضرب عليه وأمر بالصلاة وضرب عليها فإذا تعلم الوضوء والصلاة غفر الله عز وجلّ له ولوالديه إنشاء الله» وقد أثبت علم النفس الحديث صحة هذا المنهج(2 ـ 3 سنوات ، يكتسب كلام الطفل طابعاً مترابطاً ممّا يتيح له إمكانية التعبير عن فهمه لكثير من الأشياء والعلاقات... وفي نهاية السنة الثالثة يصبح الطفل قادراً على استخدام الكلام وفق قواعد نحوية ملحوظة وهذا يمكنه من صنع جمل أولية وصحيحة)
وتعميق الإيمان بالله ضروري في تربية الطفل فهو في هذه المرحلة يكون مقلداً لوالديه في كل شيء بما فيها الإيمان بالله تعالى.
يقول الدكتور سپوك:
(إنّ الأساس الذي يؤمن به الابن بالله وحبه للخالق العظيم هو نفس الأساس الذي يحب به الوالدان الله) .
ويقول :
(بين العمر الثالث والعمر السادس يحاول تقليد الأبوين في كلِّ شيء فإذا حدّثاه عن الله فانه يؤمن بالصورة التي تحددها كلماتهما عن الله حرفياً) والطفل في هذه المرحلة يميل دائماً إلى
علاقات المحبة والمودّة والرقّة واللين فيجب على الوالدين (استغلالا للميل الفطري عند الطفل) تأكيد هذه الصفات الخاصة بالرحمة والحب والمغفرة إلى أقصى حدٍّ ممكن مع التقليل إلى أدنى حد من صفات العقاب والانتقام
حتى تكًون الصورة التي يحملها الطفل في عقله عن الله تعالى صورة جميلة محببة له فيزداد تعلقه بالله تعالى ويرى انه مانح الحب والرحمة له . وإذا أردنا أن نكوّن له صورة عن يوم القيامة
فالأفضل أن نركز على نعيم الجنة بما يتناسب مع رغباته ، من أكل وشرب وألعاب وغير ذلك ، ونركز على انه سيحصل عليها إنْ أصبح خلوقاً ملتزماً بالآداب الإسلامية ، ويُحرم منها إنْ لم يلتزم ،
ويؤجل التركيز على النار والعذاب إلى مرحلة متقدمة من عمره .التركيز على حبّ النبي صلى الله عليه وآله
وأهل البيت عليهم السلامقال رسول الله صلى الله عليه وآله :
«أدبّوا أولادكم على ثلاث خصال : حبّ نبيكم ، وحبّ أهل بيته ، وقراءة القرآن»في مرحلة3-4 تنمو المشاعر والعواطف والأحاسيس عند الطفل ، من حب وبغض وانجذاب ونفور ، واندفاع ...
هنا يجب على الوالدين استثمار حالات الاستعداد العاطفي عند الطفل وتنمية مشاعره وعواطفه ، وتوجيهها نحو حبّ النبي صلى الله عليه وآله ، وحبّ أهل البيت عليهم السلام في خلجات نفسه ،
والطريقة الأفضل في تركيز الحبّ هو إبراز مواقفهم وسلوكهم ومعاجزهم في المجتمع وخصوصاً ما يتعلق برحمتهم وعطفهم وكرمهم ، ومعاناتهم وما تعرضوا له من حرمان واعتداء ، يجعل الطفل متعاطفاً معهم محباً لهم ، مبغضاً لمن آذاهم من مشركين ومنحرفينلقد جسدت مولاتنا فاطمة مع أمير المؤمنين سلام الله عليهما أسمى صور التربية الإسلامية الحقة والتي أُسُّها وأساسها الرحمة والمحبة...
فكلما كان لنا من عطائهم قبس سُعدنا ووفقنا في توجيه وتربية أبنائنا
وكلما ابتعدنا شقينا وصعبت أمورنا...