بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى اللهم على محمد وآله الأطهار
ولادتها ونشأتها:
ولدت الشهيدة الخالدة آمنة بنت آية الله السيد حيدر الصدر (بنت الهدى) عام 1356هــ 1937م في مدينة الكاظمية، في بيت عريق في العلم والجهاد والتقوى... وكانت أصغر شقيقيها واختهما الوحيدة.
ولم يختلف حالها عن حال باقي أسرتها في مكابدة الفقر والحرمان، وتحمل الصعاب والمشاق، بروح غمرها الإيمان والقناعة بأدنى ضروريات الحياة.
لم تر بنت الهدى أباها و لا تتذكره وكأنها ولدت يتيمة، إلا أن الله عز وجل عوضها عن ذلك بأخويها المرحوم السيد إسماعيل الصدر وشهيدنا الغالي السيد الصدر ــ رضوان الله عليهم جميعاً ــ فقد أغدقا عليها حناناً ومحبة تفوق ما يتوقع اليتامى، وربّياها بما لم يربّ أب فلذة كبده...
ثقافتها:
تعلمت الشهيدة بنت الهدى القراءة والكتابة في البيت على يد والدتها ــ رحمها الله ــ فكانت الأم هي المعلم الأول، وكانت والدتها تثني على ابنتها وقدرتها على التعلم و الاستيعاب والفهم، ثم استكملت مراحل تعليمها القراءة والكتابة على يد أخويها، وشمل ذلك علوم العربية في أكثر جوانبها، حتى تمكنت من كتابة الشعر في السنوات المبكرة من عمرها..
فتمكنت من توسيع أفق ثقافتها توسعاً شاملاً متعدد الأبعاد، وكتاباتها في مجلة الأضواء في تلك الفترة (1966) تعكس لنا جوانب من تلك الأبعاد، ذلك أن مجلة الأضواء التي كانت تصدرها جماعة العلماء في النجف الأشرف لم تكن منبراً إلا للنتاجات المتميزة فقط، وكانت بنت الهدى ــ رحمها الله ــ من أبرز من كتب فيها بل كانت الرائدة الأولى في الكتابة و التأليف...
واذا لاحظنا الكتابات الإسلامية التي تستهدف المرأة المسلمة ثقافياً وتربوياً فسوف نجد فراغاً كبيراً ليس من اليسير ملؤه، إذ لا توجد كاتبات ولا كتابات إسلامية موجهة للمرأة تعالج مشاكلها الدينية والإجتماعية وتنهض بها ثقافياً وسياسياً، وتخلق فيها حالة من الوعي لما يجري حولها يحصنها من الانحراف والضلال، من ملاحظة تلك الأمور يمكن أن ندرك أهمية الوعي الذي امتازت به الشهيدة بنت الهدى والذي جعلها تقدم على خطوة جريئة ورائدة في مجال الكتابة الموجهة والهادفة لتثقيف المرأة المسلمة بما يضمن لها كرامتها ويحصنها من الانحراف والضياع...
بناءها لمدارس الزهراء (ع):
تعتبر السيدة الشهيدة بنت الهدى من المؤسسين أو المساهين في إنشاء مدارس الزهراء (ع) في بغداد والكاظمية والنجف ــ وكان ذلك في عام 1967م ــ ولم يكن الهدف منها سد حاجة المجتمع من المدارس الإبتدائية والثانوية فإن المدارس الحكومية كانت كافية لاستيعاب كل ما هو موجود من طالبات، وإنما كانت هناك ضرورات اقتضت إنشاء هذه المدارس، منها مواجهة الثقافات المادية التي تدعو إلى الفساد والانحراف والتردي الأخلاقي، ومنها السعي لنشر الثقافة الإسلامية الصحيحة والوعي الذي يجب أن ترقى إليه المرأة.
إقامتها للدروس والندوات:
كان للسيدة الشهيدة بنت الهدى ــ رحمها الله ــ منهج واسع في المجال التثقيفي، ويعتبر التدريس من أهم فقراته.
استطاعت الشهيدة بنت الهدى استطاعت أن تتغلب على كل المشاكل بقربها من أخويها المرحوم السيد إسماعيل الصدر، وشهيدنا الخالد السيد الصدر ــ قدس الله سرهما ــ فاستطاعت أن تتجاوز كل تلك المشاكل بجدارة، وتمكنت من الإحاطة بالمواد العلمية الحوزوية ــ الفقهية والأصولية خاصة ــ مما مكنها من التدريس بكفائة عالية.
وكان الهدف الحقيقي من إقامتها لحلقات التدريس في البيت ليس فقط تثقيف طالباتها وإنما إعدادهن لتحمل المسؤولية في المستقبل لممارسة نفس الدور، وخلق طاقات علمية نسائية قادرة على إيجاد حوزات علمية نسائية تتحمل دوراً كبيراً في نشر الثقافة الإسلامية من مصادرها النقية الصحيحة
وإلى جانب التدريس نظمت الشهيدة ندوات ثقافية دينية عامة تطرح فيها الأفكار الإسلامية بأساليب تنسجم مع متطلبات العصر ومقتضياته، وقد نالت ندواتها نجاحاً منقطع النضير، وإقبالاً من مختلف الطبقات النسوية