ليس منا من كان متعصبا ، ولكن التعصب "للحق" هو ما يميزنا
فمحبتنا لأهل البيت عليهم السلام ليست تعصبا إنما محبة بالرسول الأكرم (ص) وتقربا من الله سبحانه وتعالى
يُعتبر
حديث الغدير من الأحاديث التاريخية الهامة و المصيرية التي أدلى بها رسول
الله ( صلَّى الله عليه و آله ) في السنة الأخيرة من حياته المباركة ، و
هي من الأحاديث التي تثبت إمامة الإمام امير المؤمنين علي بن أبي طالب (
عليه السَّلام ) و توجب ولايته على جميع المؤمنين بعد ولاية الله تعالى و
ولاية رسوله المصطفى ( صلَّى الله عليه و آله ) بكل صراحة و وضوح .
ثم
إن حديث الغدير حديث متواتر [1] رواه المحدثون عن أصحاب النبي ( صلَّى
الله عليه و آله ) و عن التابعين بصيغٍ مختلفة ، تؤكد جميعها على إمامة
الإمام أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) ، لكون الجوهر الأصلي فيه واحد و
إن اختلفت بعض العبارات .
أما نسبة الحديث إلى الغدير فيعود سببه
إلى أن النبي أدلى بهذا الحديث على أرض غدير خم [2] في اجتماع حاشد يضم ما
يربو على مائة ألف من المسلمين و ذلك بعد رجوعه من أداء مناسك الحج في آخر
سنة من حياته المباركة .
و قد تناقلت المصادر الإسلامية السنية و
الشيعية على حد سواء حديث الغدير في كتب التفسير و الحديث و التاريخ و
الكلام و غيرها بأكثر من عشر صيغ و في ما يقارب المائة من الكتب المعتبرة
المعتمدة .
أما رواة حديث الغدير الذين تمكّن التاريخ من ضبط
أسمائهم فهم : من الأصحاب ( 110 ) صحابياً و من التابعين ( 84 ) تابعياً ،
و أما رواة هذا الحديث من العلماء و المحَدِّثين فيبلغ عددهم ( 370 )
راوياً [3] ، كما ألّف علماء الإسلام كتبا مستقلة في هذا الحديث إذعاناً
منهم بأهمية هذا الحديث و صحته و مصيريّة موضوعه [4] ، و في ما يلي نذكر
بعض النماذج التي أوردها علماء السنة في كتبهم رعاية للاختصار ، و من شاء
التفصيل فليراجع مصادر الحديث [5] .
1. احمد بن حنبل : أبو عبد
الله احمد بن حنبل بن هلال الشيباني ، المتوفى سنة : 241 هجرية ، عن
البراء بن عازب ، قال : كنا مع رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) في
سفر فنزلنا بغدير خم ، فنودي فينا الصلاة جامعة ، وكُسح لرسول الله (
صلَّى الله عليه و آله ) تحت شجرتين فصلى الظهر و اخذ بيد علي ( رضي الله
عنه ) فقال : " ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم " ؟
قالوا : بلى .
قال : " ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه " ؟
قالوا بلى .
فاخذ بيد علي فقال : " من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم والِ من والاه و عادِ من عاداه " .
فلقيه عمر بعد ذلك فقال له : هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت و أمسيت مولى كل مؤمن و مؤمنة [6] .
2.
الخطيب البغدادي : أبو بكر احمد بن علي ، المتوفى سنة : 463 هجرية ، عن
أبي هريرة ، قال : من صام يوم ثمان عشرة من ذي الحجة كتب له صيام ستين
شهرا ، و هو يوم غدير خم لمّا اخذ رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله )
بيد علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) فقال : " ألست أولى بالمؤمنين " ؟
قالوا : بلى يا رسول الله .
قال : " من كنت مولاه فعلي مولاه " .
فقال عمر بن الخطاب : بخٍ بخٍ لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي و مولى كل مسلم [7] .
3.
ابن حجر : احمد بن حجر الهيثمي ، المتوفى سنة : 974 هجرية ، أن النبي (
صلَّى الله عليه و آله ) قال يوم غدير خم : " من كنت مولاه فعلي مولاه ،
اللهم والِ من والاه و عادِ من عاداه ، و احب من احبه ، و ابغض من ابغضه ،
و انصر من نصره ، و اخذل من خذله ، و أدر الحق معه حيث دار " .
و
قال ابن حجر حول حديث الغدير : انه حديث صحيح لا مرية فيه ، و قد أخرجه
جماعة كالترمذي و النسائي و احمد ، و طرقه كثيرة جدا ، و من ثم رواه ستة
عشر صحابيا ، و في رواية لأحمد أنه سمعه من النبي ( صلَّى الله عليه و آله
) ثلاثون صحابيا و شهدوا به لعلي لما نُوزع أيام خلافته [8] … و كثيرا من
أسانيدها صحاح و حِسان ، و لا التفات لمن قدح في صحته [9] .
و مما تقدّم يمكن استخلاص النقاط التالية :
·
أن رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) إنما أدلى بهذا الحديث بأمر من
الله تعالى و ذلك بعد نزول آية التبليغ و هي : { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ
بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا
بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ
لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ } [10] ، في يوم الغدير تحثّه على
تنصيب الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) خليفةً له و إماماً للناس
[11] .