آخر يوم من العمر ، و أول يوم بعد الموت !
عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ : قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ( صلوات الله عليه ) : " إِنَّ ابْنَ آدَمَ
إِذَا
كَانَ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا وَ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ
أَيَّامِ الْآخِرَةِ ، مُثِّلَ لَهُ مَالُهُ وَ وَلَدُهُ وَ عَمَلُهُ ،
فَيَلْتَفِتُ إِلَى مَالِهِ فَيَقُولُ : وَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ
عَلَيْكَ حَرِيصاً شَحِيحاً فَمَا لِي
عِنْدَكَ ؟
فَيَقُولُ : خُذْ مِنِّي كَفَنَكَ
.
قَالَ
: فَيَلْتَفِتُ إِلَى وَلَدِهِ فَيَقُولُ : وَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ
لَكُمْ مُحِبّاً ، وَ إِنِّي كُنْتُ عَلَيْكُمْ مُحَامِياً ، فَمَا ذَا
لِي عِنْدَكُمْ ؟
فَيَقُولُونَ : نُؤَدِّيكَ إِلَى حُفْرَتِكَ نُوَارِيكَ فِيهَا .
قَالَ
: فَيَلْتَفِتُ إِلَى عَمَلِهِ فَيَقُولُ : وَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ
فِيكَ لَزَاهِداً ، وَ إِنْ كُنْتَ عَلَيَّ لَثَقِيلًا ، فَمَا ذَا
عِنْدَكَ ؟
فَيَقُولُ : أَنَا قَرِينُكَ فِي قَبْرِكَ وَ يَوْمِ نَشْرِكَ ، حَتَّى أُعْرَضَ أَنَا وَ أَنْتَ عَلَى رَبِّكَ .
قَالَ
: فَإِنْ كَانَ لِلَّهِ وَلِيّاً أَتَاهُ أَطْيَبُ النَّاسِ رِيحاً ، وَ
أَحْسَنُهُمْ مَنْظَراً ، وَ أَحْسَنُهُمْ رِيَاشاً ، فَقَالَ أَبْشِرْ
بِرَوْحٍ وَ رَيْحَانٍ ، وَ جَنَّةِ نَعِيمٍ ، وَ مَقْدَمُكَ خَيْرُ
مَقْدَمٍ .
فَيَقُولُ لَهُ : مَنْ أَنْتَ ؟
فَيَقُولُ :
أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ ، ارْتَحِلْ مِنَ الدُّنْيَا إِلَى الْجَنَّةِ
، وَ إِنَّهُ لَيَعْرِفُ غَاسِلَهُ ، وَ يُنَاشِدُ حَامِلَهُ أَنْ
يُعَجِّلَهُ ، فَإِذَا أُدْخِلَ قَبْرَهُ أَتَاهُ مَلَكَا الْقَبْرِ ،
يَجُرَّانِ أَشْعَارَهُمَا ، وَ يَخُدَّانِ الْأَرْضَ بِأَقْدَامِهِمَا ،
أَصْوَاتُهُمَا كَالرَّعْدِ الْقَاصِفِ ، وَ أَبْصَارُهُمَا كَالْبَرْقِ
الْخَاطِفِ ،
فَيَقُولَانِ لَهُ مَنْ رَبُّكَ ؟ وَ مَا دِينُكَ ؟ وَ مَنْ نَبِيُّكَ ؟
فَيَقُولُ : اللَّهُ رَبِّي ، وَ دِينِيَ الْإِسْلَامُ ، وَ نَبِيِّي مُحَمَّدٌ ( صلى الله عليه وآله ) .
فَيَقُولَانِ
لَهُ : ثَبَّتَكَ اللَّهُ فِيمَا تُحِبُّ وَ تَرْضَى ، وَ هُوَ قَوْلُ
اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ : ﴿ يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ
بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ ... ﴾
[1] ، ثُمَّ يَفْسَحَانِ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ ، ثُمَّ
يَفْتَحَانِ لَهُ بَاباً إِلَى الْجَنَّةِ ، ثُمَّ يَقُولَانِ لَهُ نَمْ
قَرِيرَ الْعَيْنِ نَوْمَ الشَّابِّ النَّاعِمِ ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ
وَ جَلَّ يَقُولُ : ﴿ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ
مُّسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا ﴾ [2] .
قَالَ : وَ إِنْ كَانَ
لِرَبِّهِ عَدُوّاً ، فَإِنَّهُ يَأْتِيهِ أَقْبَحُ مَنْ خَلَقَ اللَّهُ
زِيّاً وَ رُؤْيَا ، وَ أَنْتَنُهُ رِيحاً ،
فَيَقُولُ لَهُ :
أَبْشِرْ بِنُزُلٍ مِنْ حَمِيمٍ ، وَ تَصْلِيَةِ جَحِيمٍ ، وَ إِنَّهُ
لَيَعْرِفُ غَاسِلَهُ ، وَ يُنَاشِدُ حَمَلَتَهُ أَنْ يَحْبِسُوهُ ،
فَإِذَا أُدْخِلَ الْقَبْرَ أَتَاهُ مُمْتَحِنَا الْقَبْرِ ، فَأَلْقَيَا
عَنْهُ أَكْفَانَهُ ، ثُمَّ يَقُولَانِ لَهُ : مَنْ رَبُّكَ ؟ وَ مَا
دِينُكَ ؟ وَ مَنْ نَبِيُّكَ ؟
فَيَقُولُ : لَا أَدْرِي
.
فَيَقُولَانِ
: لَا دَرَيْتَ وَ لَا هَدَيْتَ ، فَيَضْرِبَانِ يَافُوخَهُ بِمِرْزَبَةٍ
مَعَهُمَا ضَرْبَةً مَا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ دَابَّةٍ
إِلَّا وَ تَذْعَرُ لَهَا مَا خَلَا الثَّقَلَيْنِ .
ثُمَّ
يَفْتَحَانِ لَهُ بَاباً إِلَى النَّارِ ، ثُمَّ يَقُولَانِ لَهُ نَمْ
بِشَرِّ حَالٍ فِيهِ مِنَ الضَّيْقِ ، مِثْلُ مَا فِيهِ الْقَنَا مِنَ
الزُّجِّ ، حَتَّى إِنَّ دِمَاغَهُ لَيَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ ظُفُرِهِ وَ
لَحْمِهِ ، وَ يُسَلِّطُ اللَّهُ عَلَيْهِ حَيَّاتِ الْأَرْضِ وَ
عَقَارِبَهَا وَ هَوَامَّهَا ، فَتَنْهَشُهُ حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ
مِنْ قَبْرِهِ ، وَ إِنَّهُ لَيَتَمَنَّى قِيَامَ السَّاعَةِ فِيمَا هُوَ
فِيهِ مِنَ الشَّرِّ [3] .
[1] القران الكريم : سورة إبراهيم ( 14 ) ، الآية : 27 ، الصفحة : 259 .
[2] القران الكريم : سورة الفرقان ( 25 ) ، الآية : 24 ، الصفحة : 362 .
[3] الكافي : 3 / 231