الاجابة للشيخ صالح الكرباسي
ما هي الموسيقى ؟
لكي نجيب على هذا
السؤال إجابة دقيقة لا بُدَّ و أن نعرف أولاً ما هو المراد بالموسيقى
بصورة عامة حتى يتسنى لنا معرفة رأي الشرع فيها من خلال النصوص الشرعية و
آراء الفقهاء ، و من ثم نناقش هذا الموضوع من الزاوية التي تم السؤال عنها
.
إن للموسيقى تعريفان ، تعريف عام و هو كل صوت موزون أو كل نغمة لها
إيقاع و تأثير في النفس ، و بإختلاف هذه النغمات يتفاوت التأثير على
المستمع لها ، فقد يطرب و قد يحزن و قد ينشط إلى غيرها من التأثيرات
المختلفة حسب شدة تلك النغمات و ضعفها ، و حسب قابلية الأفراد و طبائعهم .
و
هناك تعريف خاص للموسيقى ، و هو التعريف الفقهي الذي عليه مدار التحريم ،
و هو الصوت المشتمل على النغمات و الألحان اللهوية التي تستخدم في الملاهي
و مجالس الفساد .
و هذا النوع من الموسيقى هو المحرم شرعاً بناءً على إستنباط الفقهاء المجتهدين من النصوص الشرعية .
أما
القول بأن الله عَزَّ و جَلَّ قد أودع هذه الموهبة ( موهبة الموسيقى ) في
كثير من الناس و من ثَم استنتاج جواز الاستمتاع بالموسيقى اللهوية تجنباً
لعبثية إيداع هذه الموهبة ـ على حد تعبيرك ـ من قبل الله سبحانه و تعالى ،
فهذا غير صحيح ، و ذلك لأن الله قد أودع في الإنسان مواهب و قدرات كثيرة
غير هذه الموهبة ، و في نفس الوقت لم يسمح له بإستخدامها بصورة مطلقة ، بل
حدد موارد استخدامها ، أو موارد عدم استخدامها ، فمنحه مثلاً القدرة على
الكلام و النطق ، لكن منعه من الكذب و الفحش و الغيبة و غيرها من المحرمات
المرتبطة بالنطق و الكلام ، رغم أن الله عَزَّ و جَلَّ هو الذي أودع في
الإنسان القدرة على الكلام ، فواضح أن الإنسان لا يجوز له أن يتكلم بكل ما
يريد لوجود القدرة ، أو الرغبة في نفسه إلى ذلك ، بل الجائز هو إستخدام
الإنسان قدراته و مواهبه ضمن الأطر و الحدود الشرعية .
و قد رُوِيَ عن
الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) أنهُ قَالَ : " اسْتِمَاعُ
الْغِنَاءِ وَ اللَّهْوِ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ كَمَا
يُنْبِتُ الْمَاءُ الزَّرْع " [1] .
[1] الكافي : 6 / 434 ،
للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني ، المُلَقَّب بثقة
الإسلام ، المتوفى سنة : 329 هجرية ، طبعة دار الكتب الإسلامية ، سنة :
1365 هجرية / شمسية ، طهران / إيران