محاضرة سماحة الإمام السيد موسى الصدر في صيدا
عن أوضاع الجنوب ومطامع العدو
(آذار 1970 م)
ألقى سماحة الإمام السيد موسى الصدر، رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، محاضرة في الغداء التقليدي لـ"جمعية أصدقاء القدس" في فندق "صيدون" في صيدا، ظهر أمس الأول، تحدث فيها عن أوضاع الجنوب ومطامع العدو.
وبدأ الإمام الصدر محاضرته بالقول: أرجو أن يجد حديثي هذا طريقه الى صدور المسؤولين. إنّ مهمة خدمة القدس البعيدة المحتلة، واجبة علينا كمهمة خدمة الجنوب الذي ما زال أمامنا وعلى أرضه نعيش؛ غير أنّ القدس لن تكون أسوأ مما هي عليه. أما الجنوب فهو موجود بأيدينا وكلنا خوف عليه.
إنّ الجنوب في حالته الحاضرة مهدد بخطر الإحتلال. وإن كنا نملك الجنوب فإننا نملكه في هذه الأيام شكلاً.
فالجنوب مطمع "إسرائيل"، نظراً لوضعه الإستراتيجي. ولقد سيطرت "إسرائيل" على كل المناطق الإستراتيجية، وبقي الجنوب المنطقة الوحيدة البعيدة عن سيطرتها.
وتحدّث الإمام الصدر عن الثروة المائية للجنوب وقال: إنّ العالم يشكو قلة الماء، و"إسرائيل" بصورة خاصة تشكو هذه القلة، ووجود هذه الثروة المائية في الجنوب يؤكد أطماع "إسرائيل" به.
وتساءل الإمام الصدر عما يملكه لبنان إزاء التهديدات الإسرائيلية المتكررة، ثم قال: إنني لا أريد التحدث طويلاً في هذا الموضوع حتى أصل الى سند حي لمستقبل الجنوب، فماذا فعلنا حتى الآن؟ ما هي قوّتنا الدفاعية؟
إنّ قوّتنا تكمن في عدة اعتبارات: الإعتبار الأول هو القوى اللبنانية الدفاعية، وهذا الإعتبار لا يحتاج منا الى مزيد من الطائرات والوسائل الدفاعية، لأنّ الأرض والجبال والوديان صعبة، وهذا ما قاله الخبراء. غير أنّ القوى اللبنانية تعتمد الى حد بعيد على صمود المواطن اللبناني وقوة معنوياته وتسهيله لمهماتها.
الإعتبار الثاني هو القوى العربية في المنطقة. أما الإعتبار الثالث فهو القوى المعالمية. الضمير العالمي غير موجود إطلاقاً، وإنما أقصد الصداقات اللبنانية.
فمنذ مدة سمعنا أنّ الجالية الأرثوذكسية في الإتحاد السوفياتي قد موّلت بناء مستشفى في بيروت ودفعت 12 مليون ليرة. إنّ هذا لدليل على الإهتمام السياسي والشعبي بالطائفة الأرثوذكسية في لبنان. وليس معنى ذلك أننا من القائلين بجواز الحمايات الأجنبية، ولكن بإمكاننا أن نستفيد من صداقاتنا الدولية ونستغل طاقات الشعوب الصديقة لمصلحة قضيتنا.
وقال الإمام الصدر: إنّ "إسرائيل" تخلق الأعذار يومياً للإعتداء على الجنوب، من ذلك وجود الفدائيين في أرضه. فقانوناً هذه الحجة باطلة، لأنّ لبنان ليس بوليساً يحمي "إسرائيل"، كما أنه أمر غير منطقي أن يُطلب من لبنان منع تدريب الفدائيين.