"فيس بوك" ومواقع تشبيك اجتماعية أخرى يفكرون بردودهم في الوقت الذي تكتسب فيه فكرة المعايير العامة حول قابلية نقل البيانات زخماً.
إنها حقيقة تبعث على الإحباط تلك المتعلقة بالحياة العصرية للإنترنت. إذ إن مستخدمي المواقع الإلكترونية مثل "فيس بوك" و"جوجل" يمضون ساعات طوالا وهم يؤسسون قوائم الأصدقاء وعناوين البريد الإلكتروني ويحافظون عليها، ولكن عندما يتعلق الأمر بنقل مثل هذه المعلومات الاجتماعية إلى خدمة إنترنت أخرى فغالباً ما يجدون أنه من المستحيل سحب بياناتهم. وبدلاً من ذلك، عليهم إعادة إدخال تفاصيلهم الشخصية من الصفر.
على الأرجح أن يتغير ذلك قريباً. في العام الماضي، كان عدد متنام من الأصوات المهمة تدعو إلى تأسيس معايير عامة "لقابلية نقل البيانات" – وهي خطوة من شأنها أن تتيح المجال أمام المشاركة الواسعة للمعلومات الاجتماعية بين المواقع الإلكترونية.
يجادل مؤيدو البيانات القابلة للنقل بالقول إن مثل هذا المنهج المفتوح لن يجعل الحياة أسهل فقط للمستخدمين الذين يريدون التنقل بين المواقع الإلكترونية، بل إنه يمكنه تغيير اقتصادات الشبكة ذاتها في الوقت الذي تندفع فيه الشركات إلى تأسيس خدمات جديدة تستغل التدفق الحر للمعلومات الاجتماعية.
يقول السير تيم بيرنيرز – لي، مخترع الشبكة العالمية: "كل موقع إلكتروني يذهب إليه الأشخاص عليهم أن يواصلوا ذكر أسماء أصدقائهم. وإذا كان لديهم بدلاً من ذلك ملف عن الأصدقاء، فإن الموقع الإلكتروني سيكون قادراً على التقاطه: هذا أنا، وهؤلاء هم أصدقائي وزملائي، افعل الشيء المناسب."
إن فكرة وجود قائمة للأصدقاء يمكن نقلها هي جزء من رؤية أوسع نطاقاً لجعل أنواع مختلفة عديدة من بيانات يحددها المستخدم قابلة للنقل بين المواقع الإلكترونية. وتلقت هذه الرؤية دعماً في الأسبوع الماضي بعد أن قالت "ياهو"، بوابة الإنترنت، إنها ستدعم مبادرة أوبن آي دي OpenID، وهي مبادرة لتطوير خطة تسجيل عامة عبر المواقع الاجتماعية. إن إضافة مستخدمي "ياهو" البالغ عددهم 248 مليونا ستزيد عدد حسابات "أوبن آي دي" إلى ثلاثة أضعاف.
تعتبر "أوبن آي دي" واحدا من عدة معايير للشبكة يتم تعزيزها من قبل مجموعة عمل "داتا بورتابيليتي وورك جروب"، وهي مجموعة من الأشخاص التكنولوجيين المرتبطين على أساس حر يحتلون واجهة حركة قابلية نقل البيانات. وهدف المجموعة هو إقناع صناعة الإنترنت بدعم خطة عامة لاستيراد وتصدير المعلومات الشخصية التي كانت تقتصر تقليدياً على المواقع الإلكترونية المختلفة.
لاحظت بعض أكبر شركات الإنترنت نفوذاً في العالم، هذه المبادرة. وفي هذا الشهر، عينت كل من "جوجل"، مجموعة البحث على الإنترنت، و"فيس بوك"، الشبكة الاجتماعية، و"بلاكسو"، وهي خدمة لإدارة الاتصال على الإنترنت، ممثلين عنهم للانضمام إلى مجموعة العمل.
يعتقد البعض أن وصول البيانات الاجتماعية القابلة للنقل حقيقة من شأنه أن يدخل خدمات جديدة على الشبكة تتجاوز كثيراً قدرات مواقع الشبكة القائمة "ويب 2.0". يقول جون مككري، مسؤول التسويق الأعلى في خدمة بلاكسو: "إننا على حدود المرحلة التالية من الشبكة. ونعتقد أننا على وشك أن نشهد تحولاً رئيسياً، حيث إن الأشياء التي كانت محبوسة داخل جدران "الحديقة المسورة" للشبكات الاجتماعية تصبح جزءاً من الشبكة المفتوحة."
في عالم البيانات القابلة للنقل، "سيكون من الممكن فجأة لشخصين في كراج ما تأسيس موقع إلكتروني أو استخدام من شأنه أن يستفيد من الاتصالات الاجتماعية دون أن يتوجب عليه الاستثمار لتأسيس شبكة اجتماعية خاصة به"، حسبما يقول مككري. وأي موقع خاص بالسفر على سبيل المثال، يمكنه أن يشمل مزايا تتيح للمستخدم بث معلومات عن رحلة عمل مقبلة لجميع أصدقائه، بغض النظر عن الشبكات الاجتماعية التي ينتمون إليها.
يسود الحماس بين مراقبي الصناعة على نحو مستساغ. إذ يقول جيرميه أويانغ، وهو محلل في شركة فوريستر ريسيرش: "هذا هو اتجاه عام 2008."
مع ذلك، فمن غير المؤكد ما إذا كان هذا الحماس سوف يترجم إلى تغيير ذي معنى من جانب حاضني الإنترنت، حيث إن العديد منهم أنفق ملايين الدولارات في تجميع البنوك الكبيرة من المعلومات الاجتماعية التي يحاول مؤيدو قابلية نقل البيانات جعلها مجانية.
أطرى مارك زوكيربيرغ، مؤسس "فيس بوك"، مراراً على معرفة الشركة الوثيقة لشبكة الاتصالات الاجتماعية بين مستخدميها – سلسلة من الروابط تشير إليها بعبارة "المخطط الاجتماعي" – بصفتها ميزة تنافسية رئيسية. وهذه الميزة يمكن أن تلغى إذا توفر المخطط الاجتماعي لـ"فيس بوك" للمواقع الإلكترونية الخارجية.
رغم أن "فيس بوك" عينت ممثلاً لها في مجموعة عمل "داتا بورتابيلتي وورك جروب"، إلا أنها تبدو وكأنها تتبنى منهج الانتظار. ورفضت "فيس بوك" أن يقوم أي تنفيذي فيها بالتعليق على هذا المقال. ورداً على أسئلة مكتوبة، قال ناطق إن الشركة كانت "تقيم ما تعنيه قابلية نقل البيانات حقيقة."
يقول علي بارتوفي، وهو رئيس تنفيذي في "آي لايك"، وهي استخدام للمشاركة في الموسيقى من أكثر المزايا الاجتماعية شعبية على موقع فيس بوك: "أشك شخصياً في أن الشبكات الاجتماعية المختلفة تنظر إلى المخطط الاجتماعي وكأنه ملكيتهم الفكرية، ولا يريدون بالضرورة أن يفتحوه".
على الأرجح أن حاضني الإنترنت يريدون تأخير تبني قابلية نقل البيانات إلى أطول فترة ممكنة، حسبما يقول بريان أوبيركيريتش، وهو مستشار استراتيجية الشبكة. مع ذلك، كما يضيف: "لا أعتقد أن قراراً بشأن قابلية نقل الشبكة الاجتماعية يتمحور حول اللاعبين الموجودين في يومنا هذا. إنه يتعلق بتأسيس بنية تحتية طويلة الأجل للشبكة الاجتماعية".
في نهاية المطاف، ربما لا يكون أمام الحاضنين خيارات كثيرة سوى الموافقة على قابلية نقل البيانات أو المخاطرة بأن يجرفهم المد، حيث تتسابق الشركات الناشئة والمراقبون الآخرون لاستغلال قابلية نقل المعلومات الاجتماعية، وفقاً لما قاله ديفيد جلاسير، رئيس الهندسة في "جوجل". ويقول إن شركة جوجل "حاضن متحمس" لقابلية نقل البيانات.
يشير جلاسير إلى جعل مستعرض الشبكة في متناول الجميع في أواسط التسعينيات، مما أجبر مزودي خدمة الإنترنت في النهاية، مثل بروديجي على التخلي عن أنظمتها المملوكة بشكل خاص والمغلقة للوصول إلى محتوى الإنترنت. وبالمثل، كما يقول، فمن الممكن أن تجبر مسألة البيانات الاجتماعية القابلة للنقل الشركات التي تعتمد نماذج عملها على "إغلاق" البيانات، على تغيير استراتيجياتها أو تواجه تضاؤلا في قيمتها.
يعترف داعمو قابلية نقل البيانات أن الأمر ما زال في مراحله المبكرة. يقول السير تيم: "ثمة الملايين من الأشخاص المعنيين ولكن هناك عددا صغيرا للغاية فقط من مواقع التشبيك الاجتماعي التي تقوم بالتصدير".
على الأرجح أن تكون الخصوصية مسألة رئيسية شائكة في الوقت الذي تحاول فيه الشركات إقناع المستخدمين لكي يثقوا بها لبث معلوماتهم إلى المواقع الإلكترونية الأخرى. ويؤكد أعضاء من مجموعة عمل "داتا بروتابيلتي" أن أي خطة سوف تتضمن ضوابط تمنع إرسال المعلومات الشخصية الحساسية دون موافقة المستخدم.
يقول كريس ساد، وهو أحد منظمي المجموعة: "إن ضوابط الخصوصية تشكل جزءاً فقط من الضوابط التي تريدها على البيانات. إذ تريد أن تكون قادراً على نقل البيانات أو إزالتها من خدمة ما، وتسيطر على من يستطيع الوصول إليها. ونحاول بناء ضوابط من جميع الأشكال في النظام".
لن يكون ذلك مباشراً. إذ يقول جيا شين، مؤسس "روك يو"، وهو صانع بارز لاستخدامات موقع فيس بوك: "لم تتم معالجة قضية الخصوصية. فما هي حقوق المستخدمين، وما هي دوافع الشبكات الاجتماعية للمشاركة في البيانات بين بعضها البعض؟".
ربما يستغرق الأمر عدة سنوات قبل أن تتم الإجابة عن هذه الأسئلة تماماً. غير أن مؤيدي قابلية نقل البيانات يبدون واثقين بأن الوقت إلى جانبهم. يقول مككري من خدمة بلاكسو: "شاهدنا هذا الفيلم سابقاً. ونعلم أن الانفتاح سوف ينتصر".