الخطه الجديده لغزو لبنان بكامل تفاصيلها
كما عرضها باراك
أحيانا يقف المنطق عائقا أمام تصديق بعض الوقائع ، وأحيانا أخرى يكون المنطق هو السبيل الوحيد للثقة بمعلومات حتى ولو كانت موثقة بأختام سفارة غربية في واشنطن .
هكذا هي المعلومات التي حصلت عليها حول خطة غزو لبنان التي تتجاوز في خططها التكتيكية الكثير من عوائق الزمن والجغرافيا .
معظم خبراء الدفاع والأمن الذين كتبوا حول حرب تموز 2006 أقروا بأن عند الإسرائيليين فجوات إستراتيجية يعاني منها جيشهم ما يمنعه من شن حرب جديدة قبل خمس سنوات. خصوصا على جبهة حزب الله اللبنانية، وفي نفس الوقت يقرون بأنه ليس لدى أميركا وإسرائيل خمس سنوات يتركون خلالها هزيمتهم المدوية في حرب تموز دون رد . وهو أمر أخطر من شن حرب جديدة قد تكون مكلفة ولكنها ضرورية لبقاء إسرائيل كنظام وكدولة تستند في وجودها على إرهاب جيرانها وإرعاب حكامهم .
النواقص التي أظهرتها حرب تموز تقول بأن الإسرائيليين جندوا الكثير من اللبنانيين ولكنهم لم يخترقوا رجال المقاومة حتى على المستوى الأوسط وربما ليس على المستوى الأدني أيضا. وبالتالي إسرائيل تقاتل حزب الله وهي عمياء تجاهه . هذه مشكلة حلتها الخطة الجديدة وستتابعون تفاصيلها في هذا المقال .
النقيصة الإستراتيجية الثانية بحسب المحللين تقول بأن أي إلتحام بين جنود الجيش الصهيوني ورجال حزب الله هو لمصلحة الأخير وذلك لإضطرار الجنود الغزاة لمقاتلة المقاومين رجلا لرجل لأن لا قصف الطيران ولا إحراق الأرض بالمدفعية يخرج رجال حزب الله من المعركة بل هم ينتظرون خارجها وحين يتقدم المشاة للتطهير بعد وجبات القصف الجوي والبري يعود المقاومون إلى الأرض المحروقة خلال دقائق لأنهم إما أختفوا تحت الأرض أو فوقها في المخابيء المعدة سلفا . وطبيعة المقاتل المقاوم من رجال حزب الله أشرس وأعنف من غازي يخاف من مجرد فكرة مواجهة الأشباح كما يسميهم (بحسب الصحافة الإسرائيلية)بعيدا عن أسباب شعوره بالتفوق كإسرائيلي وهي الدبابة والتكنولوجيا والطيران والقدرة على معرفة الخصم . وكلها لا تنفع في مقاتلة حزب الله ورجل لرجل.
النقيصة الثالثة كما يراها الخبراء هي في خروج سلاح المدرعات من المواجهات المباشرة لأنها صارت في الحرب أفران تذيبها نيران المقاومين فتذيب هي أجساد راكبيها وكل الكلام عن تحسين تدريع الميركافا في عام واحد هو هراء يقابله بالمقابل واقع لا شك فيه وهو أن المقاومين حصلوا على صواريخ مضادة للدروع أكثر تدميرا وفعالية من تلك التي إستعملت خلال حرب تموز2006.
ما هي خطة الحرب التي عرضها باراك في واشنطن وما هي تفاصيلها وما دور اللبنانيين الموالين لأميركا في تنفيذها ؟؟
تقول المعلومات التي حصلت عليها من ديبلوماسي غربي أكدتها مصادر سياسية على إطلاع بشؤون العلاقات الإسرائيلية الأميركية وهي ليست متعاطفة مع المقاومة اللبنانية على الإطلاق ، تفيد بأنه
من الآن وحتى الربيع القادم سيقدم وليد جنبلاط ورجاله وغيره من حلفاء امريكا وإسرائيل في لبنان مساعدات أمنية ولوجستية لإسرائيل منها تخزين ذخائر وأطعمة وإمدادات تكفي فرقتين لمدة أشهر ، (علما بأن الإسرائيليين عانوا مشكلة في إمداد عناصرهم التي دخلت إلى بنت جبيل وإلى مارون الرأس مع خروج سلاح الهليوكبتر من الأجواء وإضطررهم لإمداد قواتهم مشيا على الأقدام ) .
و تستمر جماعة الرابع عشر من آذار في تقديم المأوى والحماية على الأرض لمجموعات أمنية – إستخبارية إسرائيلية تعمل داخل مناطق حزب الله إنطلاقا من مناطق جماعة الرابع عشر من آذار وذلك للحصول على تفوق إستخباري على حزب الله ورصد تحركاته بالكامل .
وضع ثلاثة آلاف مقاتل من جماعة الرابع عشر من آذار تم تدريبهم كوحدات خاصة في تصرف القوات الإسرائيلية لحظة بدء الغزو لحماية مؤخرة القوات الغازية لناحية القرى الشيعية في منطقة البقاع الغربي وذلك بحجة منع تدمير قراهم إن حاولت قوات حزب الله مهاجمة القوات الغازية .
تحضير الأجواء اللبنانية الداخلية للغزوعبر إثارة القلاقل السياسية والأمنية المتفرقة وبث روح اليأس في نفوس اللبنانيين حتى يصبح التغيير في الوضع أيا كان هذا التغيير ( حتى ولو كان غزوا إسرائيليا بمثابة بارقة أمل لجميع اللبنانيين).
أما الخطة العسكرية الإسرائيلية للهجوم فهي تتجنب كل النواقص في التحضيرات العسكرية للجيش الإسرائيلي لأنها لن تقاتل حزب الله ولن تقاتل أحد في الأساس بل أنها ستتجنب خوض أي معركة فعلية خارج نطاق القصف الناري من الطائرات المقاتلة والهجومية .
تقتضي الخطة الإمساك في الساعات الأولى من الهجوم بعدة نقاط تعتبر رؤوس جسر لحرف ( في ) اللاتيني رأسه الأول في جبل الباروك في الشوف ورأسه الآخر في جبل الكنيسة فوق حمانا ، ويلتقيان على الساح في رأس واحد هي الضاحية الجنوبية لبيروت حيث معقل حزب الله .
تنطلق منهما القوات التي يقدرها المشاة بفرقتين مؤللتين سريعتي الحركة بغطاء جوي كثيف من الباروك في الشوف من جبل الكنيسة في المتن ( إختيار هذين الجبلين الإستراتيجين يهدد سوريا وعاصمتها بمدفعية 130 ملم وصعودا ) ويقطع الطريق بنيران مدفعية متوسطة بين حدود والعاصمة السورية.
في نفس الوقت سينطلق هجوم بري يتجنب المرور في مناطق القوات الدولية المتواجدة في الجنوب حيث ستخرج فرقتين من القوات المؤللة والمدرعة من نقاط حدودية في منطقة شبعا – راشيا وتلتف إلى اليمين بإتجاه السلطان يعقوب – شتورا ثم تتجه لملاقات القوات التي تتواجد في ضهر البيدر حمانا راس المتن بكفيا (أفقيا) ولملاقات القوات التي إنطلقت من الباروك نبع الصفا ضهر البيدر .
وفقا لهذه الخطة ستتقدم القوات الإسرائيلية من حدود فلسطين المحتلة وتحتل مناطق شاسعة في عمق لبنان حتى الحدود السورية وتقطع الطريق الدولية بين سوريا - وبيروت وضمنها الضاحية الجنوبية حيث قوات حزب الله ، وبين البقاع الشمالي (حيث حزب الله ) وبيروت والضاحية ، وحكما فأنها ستقطع الطريق التي تصل الجنوب اللبناني بسوريا عبر شتورا والبقاع الغربي وهي التي تمر في راشيا وحاصبيا . وفي نفس الوقت سيكون لديها خط إمداد مفتوح من فلسطين المحتلة عبر البقاع الأوسط والغربي وحتى الباروك والكنيسة في الشوف وفي المتن ، وهما جبلان إستراتيجيان سيمسك بهما الإسرائيليين تحسبا لإنزال سوري فيهما ما سيشكل خطرا على القوات المتقدمة نزولا تجاه الساحل .
المعلومات تكمل شرح الخطة فتقول بأن القوات الغازية وبعد أن تكون قد عزلت مناطق تواجد حزب الله في الجنوب والبقاع عن بعضها بعضا وعن سوريا ، ستتجه من جبل الباروك ومن جبل الكنيسة ومحيطهما نزولا من الباروك بإتجاه الدامور عبر الشوف الجنبلاطي فتقطع طريق الساحل بين بيروت والجنوب فتعزل الضاحية عن الجنوب ثم تصل القوات الغازية من منطقة المتن الأعلى إلى الساحل عبر خط المناطق المسيحية في كسروان حتى ضبية – الدورة المرفأ- فالروشة تقاطع الرملة البيضاء الجناح .
فتصبح الضاحية الجنوبية لبيروت معزولة وفيها مليون موالي لحزب الله عن خزان الدعم في البقاع وعن مناطق تواجده في الجنوب والبقاع الغربي .
تتولى القوات الجوية بناء جدار من نار القصف حول الضاحية وداخلها فتقطعها عن العالم . وتحاصرها حتى الوصول إلى تنفيذ جميع المطالب الإسرائيلية بتجريد حزب الله من سلاحه وإستسلام عناصره ودفع قيادته للمنفى أو للسجن .
واقعية هذه الخطة تنطلق من أن كل المناطق التي ستمر فيها القوات الغازية لن يكون هناك أي فرد من حزب الله ليواجهها ولا يستطيع حزب الله إستباق الإسرائيليين بالتقدم وإحتلال موقع قتالية فيها لأنها معادية سياسيا له وتخضع لسيطرة مشددة من أعدائه الداخليين الذين ستتولى ميليشياتهم بحجج مختلفة حماية ظهر القوات الإسرائيلية الغازية .
حتى في بيروت الغربية ستقوم القوات الإسرائيلية بتجنب الأحياء الشيعية وستتكل على ميليشيا سعد الحريري التي يقوم الآلاف منها منذ الآن بتطهير شوارعهم من الدخلاء ويلاحقون أي غريب يمر في مناطقهم فيكف والدعم الإسرائيلي سيصبح على بعد أمتار منهم ؟
بهذه الخطة تصبح كل مناطق لبنان منقسمة وتعلن حكومة الموالين لأميركا (التي مطلوب منها حاليا العمل على إبقاء الوضع السياسي كما هو دون تفجير أو حل (وهو ما تقوم المبادره العربيه بتأمينه عبر المبادرات لكسب الوقت ) إنتظارا لساعة الصفر .
ما هي درجة واقعية هذه الخطة ؟؟
إن عداء جنبلاط وجعجع وسعد الحريري وبالتالي عداء أنصارهم للمقاومة ولحزب الله يجعل من مرور القوات الإسرائيلية وإقامتها في مناطقهم موضع ترحيب (وهي كانت كذلك في عام 2006وفي عام 1982) .
وبالتالي فإن الإسرائيليين يستطيعون التقدم في ساعات لتطويق الضاحية و عزلها دون أن يخسروا جنديا واحدا لأن الجيش اللبناني وبعض الوطنيين في المناطق المعادية لحزب الله لن يستطيعوا منطقيا تشكيل أي تهديد لعدم القدرة أولا ولقلة التحضيرات ثانيا ولوجود رأي عام جنبلاطي ومسيحي إما موالي لإسرائيل ومشجع لها على الغزو (كما إعترف جنبلاط بنفسه ) أو أنه غير قادر ومرحب كما هو حال مسيحيو عون الذين لا يستطيعون المواجهة وليسوا مهيئين لها وكما هو حال مسيحيو جعجع رغم ضآلة حجمهم إلا أنهم أكثر أنواع العملاء حماسا لإسرائيل.
المكان الوحيد الذي ستلتحم فيه القوات الغازية بحزب الله سيكون في بيروت وستتكفل أفواج القوات الخاصة الأردنية التي تقود ميليشيا الحريري في العاصمة اللبنانية من منع حزب الله من الإنتشار على مقربة من مناطق تواجد الإسرائيليين إن لم يكن بعمالة وتحالف علني فبحجة منع تدمير مناطقهم علي يد الغزو .
وفق هذه الخطة ستفرض إسرائيل على حزب الله مكان وطريقة القتال ، والضاحية ليست الجنوب ، فلا مخابيء ولا مغارات وكهوف ولا مدفعية أو صواريخ يمكن من خلالها مواجهة الغزو ، وحتى ولو وجدت كيف ستستعمل ومن أين ستطلق على الجيش الغازي في منطقة لا تزيد عن كيلومترات قليلة ولكنها تحوي مليون إنسان .
هنا ستتدخل جماعة إسرائيل في لبنان للضغط حزب الله ، تسليم سلاحه وحل المقاومة والموفقة على الشروط الإسرائيلية مقابل إنسحاب إسرائيلي تدريجي يترافق مع تسليم قيادة حزب الله للإسرائيليين أو للمنفى .
يترافق ذلك مع إنتشار القوات الدولية في كل لبنان وإقفال الحدود السورية اللبنانية بقوات دولية تتبع لليونيفيل أو للأطلسي .
ووفقا لهذا السيناريو لن يكون هناك بعدها اي ترابط إقليمي بين المقاومين في المنطقة من إيران إلى سوريا ولبنان مع المقاومين في فلسطين وسيخرج لبنان من حلف الشرفاء ليدخل في سيطرة المهزومين من عملاء أميركا وإسرائيل وليصبح فعليا خجرا إسرائيليا ضد سوريا .
هكذا يحلم الإسرائيلي بأن ينتصر ويثأر ولهذا ترى الفأر من جماعة الموالين لأميركا يزأر كالأسد ولهذا خربت جماعة الرابع عشر من آذار كل المبادرات السلمية ولهذا لا تخاف 14 آذار من ردة فعل المقاومة على مؤامراتها منذ سنتين وحتى الآن لإغتيال السيد نصرالله .
من هنا برأيي المتواضع يصبح التفكير بحسم الوضع اللبناني لمصلحة المعارضة وطرد عملاء إسرائيل وامريكا أمرا يعلو على قدسية سلاح المقاومة المرفوض إستخدامه في الداخل ، لا بل أن معركة الخارج لم تعد مع الخارج فقط بل هي وكما تقول هذه الخطة تعتمد بشكل اساسي على قوائم داخلية لهزيمة المقاومة وسحق لبنان ، قوائم يشكلها سعد الحريري ووليد جنبلاط وسمير جعجع .
ثلاثة أدوات لإسرائيل مكانهم السجن والمحاكم والمشانق وليس المفاوضات والتفاهامات