لازالة خيبة أمل من حرب لبنان.. أميركا تريد عملية عسكرية في غزة

لازالة خيبة أمل من حرب لبنان.. أميركا تريد عملية عسكرية في غزة

شموئيل روزنر "هآرتس" الاسرائيلية

في ذروة حرب لبنان الثانية دعى وزير الخارجية الاسبق هنري كيسنجر نفسه للقاء مع الملحق العسكري في واشنطن ونائب رئيس هيئة الاركان اللواء دان هارئيل. الحرب لم تعتبر فشلا حينئذ ولم يفكر احد بعد بطرح فكرة اقامة لجنة تحقيق. إلا ان كيسنجر عبر عن انتقاداته وهو لم يكن وحيداً في ذلك.
كان في اسرائيل من قدروا ان هذه كانت الطريقة التي اختارها احد ما في الحكم الأميركي للتعبير عن عدم رضاه عن الطريقة التي تدير فيها اسرائيل الحرب ولكن من خلال قناة غير رسمية. كيسنجر كان وما زال مدعو للبيت الابيض من اجل الهمس بنصائحه في اذني الرئيس ولذلك كان شخصاً طبيعياً لهذه المهمة.
العملية الاسرائيلية في لبنان لم تثر اعجابه وقد اوضح ذلك لهارئيل بل انه قال له ان المتعثر الاسرائيلي يلحق الاذى بالمصالح الأميركية. هذا كان شعور اغلبية كبار القادة الأميركين بعد الحرب. نائب الرئيس الأميركي ريتشارد تشيني اصيب بخيبة امل غير عادية ذلك لأنه كان والمؤيدين الرئيسيين للصبر الأميركي الذي يتيح لاسرائيل استكمال عمليتها. كل من عول على درس اسرائيلي مدوٍ لحزب الله ومتطرفي الشرق الاوسط اصيب بما في ذلك الرئيس بوش نفسه - بخيبة الامل.
الهجوم الاسرائيلي على سوريا في أيلول وتصفية عماد مغنية، دمشق قد يحسنان من صورة اسرائيل وقدراتها الهجومية الا انهما لا يعيدان الثقة الأميركية بقدرتها على استكمال خطوة اكثر طموحاً: احتلال غزة وتحطيم قوة حماس العسكرية وتسليم غزة لقوات السلطة المدربة.
هذا هو السيناريو الواقعي الوحيد الذي قد يبشر بمستقبل افضل لغزة ويتوافق مع معيارين هامين لواشنطن في الوقت الحالي: محك الواقع ومعيار التطلع الأميركي لعدم التحادث مع حماس وعدم اعطاء جائزة للمتطرفين. من يسعى لتلمس المسار الذي ستتقدم فيه اسرائيل نحو العملية ضد حماس في غزة ملزم بالبدء في دراسة العبر المستقاة من الحرب وخيبة الامل المتبادلة: الأميركيون ذهلوا من قدرة اسرائيل الهجومية الضعيفة والاسرائيليون ذهلوا من الكمين الدبلوماسي الذي وضع لهم في مجلس الامن قبيل انتهاء الحرب. يجب الامل بأن تكون العبرة قد استوعبت: اسرائيل وأميركا ستسعيان الى التنسيق حول غزة بصورة اكثر ذكاء ونجاحا.
الأميركيون يطرحون ادعاء قويا في قضية لبنان ولكن ادعاء اسرائيل في قضية غزة اقوى فيه لولا سماح بوش لعباس باجراء الانتخابات بمشاركة حماس لكان الوضع مختلفا في غزة. الجانبان سيحذران من تكرار اخطاء الماضي: ان بدأت عملية غزة بتخطيط مسبق وليس من خلال الانجرار الفجائي وراء الاحداث الدموية على الارض سيمر وقت طويل الى ان تحدث هذه العملية.
الأميركيون يعرفون ان التغير يجب ان يحدث في غزة "الوضع القائم هناك لا يمكن ان يبقى" قالت رايس للكونغرس في الاسبوع الماضي.
وفقاً للسيناريو الأميركي هناك حاجة لجاهزية عسكرية اسرائيلية كاملة وكذلك استعداد للمترتبات السياسية. في البنتاغون يبدون الاعجاب بتعلم الجيش الاسرائيلي للدروس المترتبة على الحرب بل وقد بدؤوا يطبقون بعضا منها مثل وضع الدروع على السيارات التي تستخدم في حرب العصابات مع ذلك سيسعى الأميركيون للتأكد اكثر من الماضي من ان لا تكون عملية غزة عملية تبدأ بالامال الواعدة وتنتهي مع لجنة تحقيق. ومثلما قال كيسنجر:هذا الامر يمس بالمصلحة الأميركية.
ادارة بوش تخاف من انتصار جديد لمعسكر المتطرفين وهي لم تثق ابداً بقدرة الاسرة الدولية على منع ذلك. الساذجون وحدهم من القادة الأميركيين ما زالوا يسلون انفسهم بحلم القوات متعددة الجنسيات التي تأخذ المسؤولية عن غزة. هناك ايضاً تم تعلم العبرة من حرب لبنان. ما يريدونه فعلا هو: سيطرة السلطة الفلسطينية بالقوة على المنطقة، الضباط الأميركيون الكبار يتنقلون جيئة وذهابا بين واشنطن والقدس ورام الله سيطالبون برسم صورة اكثر دقة مما رسمه الجنرال كيت دايتون للكونغرس والادارة الأميركية عشية سقوط غزة بيد حماس. عملية اسرائيلية شاملة بتشجيع أميركي يمكنها ان تبدأ فقط بعد انتهاء اعداد قوات السلطة الفلسطينية. ولكن حتى ذلك الحين قد يصبح في أميركا رئيس آخر.

هيك هني بيفكروا