روبرت بادن باول - Robert Baden Powell لقد أدركت الكشفية ، منذ بادن باول دعوة نهوض الشباب الى تحقيق ملكوت الله على الارض ، وذلك من خلال التنمية بين الشباب الروح في الارادة الصالحة والتعاون مع الاخرين في الحياة اليومية ، واتخذت كل السبل والمناهج المختلفة لكي تستهوي الشباب بقصد البناء فيهم الانسان الذي يسعى الى كماله عبر مخلوقاته الجميله وعبر الطاقات والغنى التي سكبها الله في كيانه.
روبرت بادن باول
ولد سنة 1857 من عائلة ارستقراطية كثيرة الاولاد فكان له اربعة اخوة واخت واحدة وله اخوات اخر من والده. كان والده استاذا في جامعة اكسفورد (بدرجة بروفسور) وامه هنرييتا ابنة اميرال البحر ، اما هو فلم يكن ذلك التلميذ العبقري اثناء دراسته الابتدائية ولكنه كان يحب الرحلات والمغامرات منذ نشأته ، فكان يذهب مع اخوته في القارب للصيد في نهاية الاسبوع والفرص فيقضون اياما وليالي في الانهار والاحراش يصطادون ويطبخون وينامون في الاحراش فاعتاد منذ صغره على حياة الخشونة والاعتماد على النفس مع انه من عائلة غنية نوعا ما .
وفي سنة 1876 التحق بالجيش. وفي حرب البويرس 1899حوصر بادن باول ورجاله في قلب مافكنج وطال حصاره وقد اعتبرته إنجلترا نذير شؤم ففكر بادن باول الاستعانة بالشباب لفك الحصار ووزع عليهم أعمال الخدمات العسكرية كالحراسة والطهي ونقل الرسائل وتدريبهم على ذلك فكثر عددهم وتمكن من فك الحصار بعد 217 يوم. وبعد هذه المعركة عاد بادن باول إلى إنجلترا عام 1901 واصبح في نظر الجميع بطلا وطنيا عظيما ، لاحظ منفعة الاولاد عند اعطائهم بعض المسؤوليات. في سنة 1899 نشر كتابا للجوالة في الجيش البريطاني . وتمنى إشراك الأولاد في المثل العليا. وفي إحدى كتاباته سنة 1901 لاحد الشباب ، يطلب باول منه أن يقوم كل يوم بعمل صالح لكي يتمرن على العطاء للآخرين .
اتصف اللورد بادن باول بحدة الذكاء وقوة الملاحظة منذ نشأته ، فبذكائه ورجاحة عقله استطاع ان يفهم متطلبات شعبه . فقد لاحظ علامات الانحطات بين ابناء شعبه وخصوصا الفقراء وهم الاكثرية في بلاده ذلك الوقت لعدم تمكنهم من التعلم في المدارس ، كذلك كان هناك فراغا شاسعا في جهاز التعليم والتربية بين الطبقتين الغنية والفقيرة وتدهور الرياضة. والتدريب العسكري كان على وتيرة واحدة فكان يدون كل ملاحظاته في مذكراته .
ومما لاحظه ان التدريب في الجيش طرقه قديمه وبطيئه جدا وهي اطاعة الاوامر طاعة عمياء وضياع وقت طويل في تفقد صفوف الجيش ، لا يجوز انتقاد او نقاش خطة القيادة . واراد هو بعض التغييرات ولكنه لم ينتقد خطة القيادة مباشرة لعدم السماح بذلك ، فما كان منه الا ان ادخل بعض التغييرات في فرقته فوضع الاصلاحات الاولية مستهدفا بذلك تربية جنود واثقين بانفسهم ساهرين على تادية رسالتهم وليس الات اوتوماتيكية منفذة للاوامر فقط.
وهذه التجربة الجديدة في كتيبته شملت تمارين رياضية حديثة وتمارين تهدف الى الاعتماد على النفس والجرأة وقوة الملاحظة . وقد احتوى منهاجه على سبع نقاط .
أولا : كيفية ايجاد الطريق ( دروس في مبادئ الطوبوغرافيا )
ثانيا : كيفية التستر بحيث ترى ولا ترى .
ثالثا : اقتفاء الاثر .
رابعا : صنع الخرائط والتخطيطات .
خامسا : قوة الملاحظة والفراسة .
سادسا : كتابة التقارير .
سابعا : التجسس .
وقد تكللت تجربته هذه بالنجاح فجمع هذه المادة مع مرور الزمن في كراس اسماه مساعد للاستكشاف وضمنه تجاربه العملية وملاحظاته . وبعد ذلك رأت الحكومة البريطانية هذا النجاح فامرت بتعليم هذه المادة في التدريب للجيش البريطاني .
كان بادن باول انسانا لينا متواضعا على الرغم من نشاته في احضان طبقة ارستقراطية صيغها التكبر والغلظة والغطرسة . كان صادقا موثوقا بذمته اسيرا لكلمته بين قوم لا يصدق ساستهم في وعودهم , وكان اذا خطب اخذ صوته الجهوري ومنطقه السليم بمجامع القلوب فكان محدثا ممتعا مرحا اذا تحدث استهوى النفوس وسحر اللالباب وكان ايضا موهوبا في فن التمثيل والرسم. كان ماهرا في المزاح والدعابة ولكنه اذا مزح او داعب لا يجرح احساس احد ولم يؤذ شعور انسان . واثناء تجواله في البلاد والقارات رأى بام عينه كيف يستذل الانسان اخاه الانسان وشاهد كيف يفرق بين الاجناس والاديان والالوان , فتالمت نفسه الزكية الصافية وثار ضميره النقي الحي فعزم على ان يعمل عملا يقلل الفوارق بين الناس وكلهم من ادم وحواء .
عزم على هذا الامر وحقق الله له فيه فيما بعد , فدون كل هذه الملاحظات في مذكراته وعزم على تحقيقها. واثناء تنقله في افريقيا استفاد مما شاهده ومر به وتعلم من الشعوب المختلفة الاشياء المفيدة ودونها .
بدأ بالتفكير بنظام الجوالة. واصطحب في تموز 1907 ، عشرين ولدا لمخيم تجريبي وكون دوريات من سبعة أفراد ووضع رئيسا لكل دورية حتى ينمي فيهم خلال الألعاب والحياة اليومية ، العلاقة مع الطبيعة ، وروح الملاحظة والخدمة . فنشر بعد ذلك كتابا للكشافة ، وبدأ بالتفكير بتكوين الحركة الكشفية. فطلب منه الملك إدوارد الثامن ملك إنجلترا ، بترك الجندية وتكريس ذاته للحركه الكشفية ، التي أعطاها شعار
"كن مستعدا" . هذا شعار الكشاف ومن حكمه أن على الكشاف أن يقوم بخدمة الآخرين بترويض نفسه على الشجاعة والإقدام وسرعة الحركة والحذق في تكيف الأمور كما ينبغي. وقد كانت شعارا للفرسان والأبطال الأقدمين ومعناه أن يكون الكشاف بحالة استعداد دائمة لمواجهة جميع الأحداث والظروف التي تحيط به. وأصبح بادن باول رئيس للحركة الكشفية وأخذ ينشر المسابقات الثقافية في الصحف وينظم للفائزين بتلك المسابقات مخيمات حتى سنة 1910 وحقق حلمه عندما جمع في قصر الكريستال في لندن حوالي 11 ألف كشاف وقائد أخذوا يعرضون أمام الجمهور المحتشد كل تعلموا من فنون وألعاب. وقد كان لاجتماع قصر الكريستال أثره الكبير في تقدم الحركة الكشفية فقد تطورت سلوكيات الشباب وتحسنت معاملتهم ومساعدتهم للناس، ويذكر أن كشافا أرشد سائحا أمريكيا على طريقه في ضباب لندن ثم رفض بكل أدب أن يأخذ من السائح أي مقابل مما دفع الأمريكي عند عودته إلى بلده إلى تأسيس فرع للكشافة هناك ثم امتدت الحركة إلى كندا وشيلي وبعدها إلى العالم العالم اجمع. وفكرة باول في تأسيس الحركة الكشفية هي إعداد شباب اليوم ليكونوا مواطني المستقبل ، وان يكتشفوا سر السعادة الذي يقوم في محبة الله وخدمة القريب، وفي النسيان والكفر بالذات للعمل يوميا لسعادة الآخرين. وفي عام 1920 تحقق الحلم الأكبر لبادن باول عندما تجمع من أنحاء العالم نحو 6000 كشاف أولمبياد لندن وسمي هذا اللقاء ((جمبوري)) وخلال هذا اللقاء عين بادن باول رئيسا لكشافة العالم، وفرضت عليه هذه الرتبة بأن يقوم بجولة حول العالم رغم كبر سنه فقد كان يدير كل سنة لقاء له في بلد مختلف وكان أخر لقاء له في النرويج وكان عمره 84 سنة حيث ودع جميع كشافي العالم بحضور 26000 كشاف حضروا من مختلف أنحاء العالم، وتوفي بادن باول عام 1941 بعد أن أنجز رسالته الخيرة وقام بعدد كبير من المخيمات والمهرجانات الدولية للكشافة في أرجاء العالم.