عادت الطبيعة لتتآمر مجدداً على صيادي الأسماك في الزهراني، إضافة إلى «تآمر» الوزارات المختصة في هذا القطاع، إذ أثارت مئات طيور النورس النافقة على شاطئ العاقبية والصرفند وخيزران ذعراً بين الصيادين وأهالي المنطقة في اليومين الماضيين.
وتخوفاً من طي الملف في الأدراج، يعتقد الصياد حسن مزهر بأن عاصفة الصقيع التي ضربت لبنان ليست سبباً في الكارثة، لأن النورس طائر بحري يقوى على العواصف والرياح، مرجحاً أن تكون سمكة «النفيخة» السامة التي يفرغها الصيادون من شباكهم هي التي تسببت بهذه الكارثة. ويشير إلى أن هذه السمكة بدأت تتكاثر في الفترة الأخيرة، وازداد حجمها من 8 سنتم بزنة 200غ إلى 50 سنتم بزنة 15 كلغ.
وعن هذه «السمكة المتوحشة» كما يسميها الصيادون، يقول مزهر: «نعتقد أنها مهجنة، وأصبحت سامة نتيجة فشل مخبري، ونتيجة الفحوص المخبرية في لبنان تبين أنها تضرب الجهاز العصبي، وهذا ما تسببت به وبحالات خطرة لعدد من العائلات اللبنانية، وهو ما دفع الحكومة إلى إصدار قرار بالسجن ودفع غرامة مالية لمن يبيعها».
وتسمّى هذه السمكة «المتوحشة» لأنها تأكل الأسماك في الشباك وعدّة البحريين من شباك وصنارة وفلين والمسلسلة والخطاف، مضيفاً «إننا نجد في بطن النفيخة أكثر من 50 صنارة تكون قد التهمتها، مما يسبب خسارة فادحة للصيادين حتى تضاعفت قيمة المصروف اليومي للصياد من 50 ألفاً إلى 100 ألف ليرة لبنانية».
ويشير مزهر إلى «أن المطلوب إيجاد حلول جذرية لهذا الخطر المتزايد، والذي سيتعاظم مع الوقت»، مؤكداً أنها مشكلة دائمة تستدعي تحركاً جدياً للحفاظ على لقمة عيش أكثر من 700 صياد في المنطقة.
مشاكل الصيادين لا تقتصر على السمكة «المتوحشة»، بل تتعداها إلى غياب الدعم الحكومي لهذا القطاع. ويشير عضو الهيئة التأسيسية لنقابة الصيادين في تعاونية ساحل خيزران عباس قشور إلى أن «ثلاثة ملايين دولار قدمت هبة من البنك الكندي لمساعدة أصحاب المراكب في الجنوب، أي ما يقارب 3 آلاف دولار للمركب، إضافة إلى150 دولاراً قيمة التقنيات المستخدمة في الصيد، إلا أن ما وصل منها إلى الصيادين فعلياً لا يتجاوز 10في المئة». وأضاف «أجرت وزارة الزراعة مناقصة رست على إحدى الشركات المختصة باستيراد العُدد البحرية وهي نفسها اليوم تقوم بمناقصة ثانية مع التعاونيات التي ستعيد بيع ما بقي من المساعدات في المخازن».
ويشير قشور إلى مشكلة الأسماء الوهمية، إذ «سجل نحو 260 مركباً متضرراً فيما يبلغ عدد المراكب في الزهراني 140»، مؤكداً أن هناك مراكب «أتلفت منذ عشرين عاماً وسجلت أيضاً لاحتفاظ أصحابها بالبطاقة، كذلك سجل أكثر من ألف صياد للاستفادة من المساعدات، فيما العدد الفعلي للصيادين في الزهراني يبلغ 325 صياداً».
ويرى قشور أن المناقصات التي أجريت شكلت «غطاءً للسرقة»، متسائلاً عن «مدى الثقة بين لجنة الإغاثة ووزارة الزراعة وأحد أصحاب التعاونيات الذي سلم 700 مليون ليرة لم ير الصيادون وأصحاب المراكب منها شيئاً، إضافة إلى750 ألف دولار للدراسات». ويسأل: «أين يذهب الاعتماد السنوي لمرفأ عين القنطرة الذي يحتاج إلى إعادة تأهيل سريعة، فالفواصل الإسمنتية التي تحجب البحر عن المراكب مدمرة كلياً، مما يسمح للموج بالوصول إلى المراكب وتعريضها للكسر؟».