الحجاب مظهر أم جوهر

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله على ما أنعم و له الشكر على ما ألهم .

و أفضل الصلاة و أزكى التسليم على خير الخلائق أجمعين محمد و آله الطاهرين .

و اللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين .





ينقسم الناس في تعاملهم مع الحجاب الإسلامي إلى ثلاث طوائف رئيسية :
الطائفة الأولى تتعامل مع الحجاب كمظهر من المظاهر التي حثّ عليها الشرع دون أن تحاول فهم وتقوية حقيقة وروح الحجاب . وربما أضيف إلى ذلك رسوخ هذا المظهر كعادة من العادات الاجتماعية وكتقليد درجوا عليهم منذ الصغر ويصعب التخلي عنه.
إذن جميع ما تدركه هذه الطائفة من الحجاب هو المظهر الخارجي دون الروح والجوهر .
الطائفة الثانية تطرح الحجاب كجوهر فقط بلا مظهر خارجي. وتعلل ذلك بأن الشرع والعقلاء والتجارب يحكمون بأن الهدف هو العفة والطهارة . أما المظهر فليس مقياساً في ذلك . فرب امرأة متحجبة ولكنها لا تحافظ على طهارتها وتمارس المنكرات, ورب امرأة سافرة لا تسمح للآخرين بمجرد لمسة شهوية عابرة. إذن المهم هو جوهر المرأة وروحها وليس مظهرها الخارجي .
والحاصل أن هذه الطائفة ترفض الحجاب بحجة أن المظاهر ليست مقياساً, ولكنها تصرف الأموال الطائلة والأوقات الثمينة لشراء الملابس الباهظة وأدوات وعمليات التجميل. وبذلك يتضح أن هؤلاء في قرارهم يعتقدون بأهمية المظاهر, ولكنهم يرفضون الحجاب بحجة أن المظهر ليس هاماً.
وفي الحقيقة أن الحجاب هو من يطرح المرأة كجوهر لا كمظهر, وذلك لأن الحجاب هو ستر مفاتن المرأة, وهو خطوة لتدخل المرأة إلى العمل الاجتماعي كإنسان, بعيداً عن عنصر الإثارة والإغراء .
والصحيح أن الحجاب مظهر وجوهر في نفس الوقت, وبمقدار ما نحقق من نجاح على كلا الصعيدين نكون قد اقتربنا من الهدف المنشود .
توضيح ذلك : هناك تفاعل كبير بين المظهر والجوهر, فكل منهما يؤثر على الآخر, ويمكن تقريب ذلك بثمار الفواكه , إذ الهدف هو اللب , ولكن القشر له دور كبير في المحافظة على اللب. فكذلك مظهر الحجاب له دور كبير وفعال في تحقيق العفة والطهارة في روح المرأة والرجل أيضاً . لذا قال الله تعالى { ... وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ... } النور : 31 .
إذن القرآن الكريم ذكر غض البصر, وحفظ الفروج , وهما عبارة عن العفة والطهارة, ولكن لا تكتمل هذه الثمرة إلا مع وجود قشر يحفظها وهو الحجاب .
ويدلك على التفاعل بين المظهر والجوهر تحريم لبس الرجال الملابس المختصة بالنساء, وبالعكس. وكذا تحريم التشبه بالكفار في اللباس مثلاً . بل هذا التفاعل لا يمكن إنكاره, لذا ترى بعض الناس يقلد من يعجب به في اللبس وطريقة المشي والحديث. ومن جهة أخرى المظهر يعكس شخصيتك في الخارج , والانطباع الأولي عن الآخرين تأخذه من خلال مظهرهم.
والحقيقة أن الحجاب أعمق من ذلك بكثير, فالحجاب شعار ورمز لجميع ما تحويه المنظومة الإسلامية من عقيدة ومبادئ وقيم وأحكام. لذا ترى الحرب الشعواء ضد الحجاب حتى ممن يدعون حرية الإنسان لا سيما المرأة . فإذا كانوا يريدون تحرير المرأة لتختار ما تشاء وما تريد بنفسها , لماذا تراهم يحاربون المرأة المحجبة ويرفضونها ؟.
إنه الحجاب بما يحمل من معان أدركوها فحاربوه بشتى الوسائل والسبل . فأصبح الحجاب تهديداً حقيقياً لحضارتهم , وإليك بعض الشواهد الواقعية :
1- وصل الأمر في تركيا إلى تشبيه المحجبات بالخنازير


http://http://www.alarabiya.net/Articles/2006/04/24/23138.htm









2- تفصل المعلمات من وظيفتهن بسبب الحجاب , ويقول ايهان بيلجين رئيس جماعة مظلومدار للدفاع عن حقوق الإنسان "تركيا لم تحظر ارتداء الحجاب على موظفات الحكومة أو الطالبات في المدارس العامة فقط كما في فرنسا بل إنها تفرض ذلك أيضا في المعاهد الخاصة وفي دورات الحصول على تراخيص القيادة وساحات القضاء بل وفي المستشفيات" http://http://www.alarabiya.net/Articles/2005/05/02/12708.htm







- وزير إيطالي يدعو لسجن المحجبات ويصف المسلمين بمحاوري القردة http://http://www.alarabiya.net/Articles/2005/09/21/16979.htm









4- فرضت فرنسا قانوناً يمنع ارتداء "أي رموز دينية" ومن بينها الحجاب في المدارس العامة, وأوقفت الشرطة الفرنسية موظفة مسلمة عن العمل لارتدائها الحجاب تحت قبعتها

http://http://www.aljazeera.net/News/archive/archive?ArchiveId=93953





5- منع فرنسية محجبة من الإدلاء بشهادتها على عقد زواج .
6- على صعيد ملاحقة المحجبات في المؤسسات الفرنسية طلبت إدارة المطعم الجامعي في الدائرة الخامسة عشر الباريسية من طالبة خلع الحجاب لكي يسمح لها بدخول المطعمhttp://http://www.aljazeera.net/News/archive/archive?ArchiveId=94823











إذ قد عرفت جميع ذلك, يحق لنا أن نتساءل, إذا كان الحجاب يحتل هذه الأهمية والمكانة والخطورة فلماذا لا نرى أثره في بعض مجتمعاتنا ؟.
والجواب على ذلك يتضح ضمن نقاط :
1- لا يمكن أن ننكر وجود بعض الجرائم أو الانحرافات, لكن هذا لا ينفي وجود أثر للحجاب, فالعلاقة بين مقدار التمسك بالحجاب ومقدار النتائج علاقة طردية , كلما تحسن الحجاب حصلنا على فوائد أكبر وأكثر, والعكس كذلك .
2- عندما نتمسك بالحجاب بما أنه تقليد وعادة فإنه يفقد مقداراً من فاعليته.
3- القرآن الكريم قبل أن ينهى عن إبداء الزينة, أمر الرجال ثم النساء بغض الأنظار وحفظ الفروج. إذن, لكي يؤتي الحجاب ثماره لا بد من غض البصر من الطرفين, ولا بد أيضاً من حفظ الفروج . وكذا إطالة النظر والتدقيق في الآخر وتفصيله من أعلى إلى أسفل يمنع الحجاب من فاعليته المطلوبة. وتعطيل الزواج يطعن الحجاب في قلبه .
والحاصل : أن الحجاب لوحده لا يؤتي ثماره وفوائده المرجوة كلها إذا لم يدعم ذلك ببقية الشرائط والأحكام والظروف المساعدة .
4- تقدم أن الحجاب لستر المفاتن والابتعاد عن الإغراءات , فإذا جعلنا العباءة نفسها ضيقة مزركشة فاتنة, فهذا ليس هو الحجاب, ولن يؤتي أبداً آثار الحجاب, بل قد تكون آثاره بالعكس لأنه في الواقع فستان سهرة .
وأخيراً بقي إشكال : إذا كانت العباءة السوداء تدغدغ مشاعر بعض الرجال, وصوت الحذاء النسائي يحرّك فيهم الغريزة , إذن ما الفائدة من الحجاب ؟ .
والجواب : إذا كانت العباءة تفعل ذلك فما الذي ستفعله الفساتين القصيرة الضيقة.
وبعبارة أخرى : ما ذكر في السؤال لا يصلح أن يكون إشكالاً في جدوى الحجاب, بل يجب أن يكون باعثاً أكثر للتمسك به.

موضوع فعلا صحيح وللاسف ما حدن سائل

عندما نتمسك بالحجاب بما أنه تقليد وعادة فإنه يفقد مقداراً من فاعليته