في الثاني والعشرين من شباط عام 1922 أبرمت اتفاقية " بوليه نيو كامب" بين بريطانيا وفرنسا وبموجب هذه الاتفاقية اقتطعت القرى الجنوبية السبع والحقت بدولة فلسطين وهي: صلحا/طربيخا/قدس/هونين/المالكية/يوشع/آبل القمح.
وفي العام 1948 حلت النكبة بهذه القرى عندما احتلتها اسرائيل فهجّرت أهاليها ودمرتها ومحت معالمها ووزعت أراضيها ومزارعها على صهاينة استوردتهم من أصقاع الأرض وأقامت على هذه القرى مستعمرات بأسماء عبرية مستحدثة حلّت محل أسمائها التاريخية الأصلية وذلك امعاناً في ازالة الصبغة العربية لا عن ترابها فحسب بل عن ذاكرة أهاليها أيضاً.
القرى السبع لم تقفر من سكانها فقط بل نسفت منازلها أو أحرقت وسوّيت بالأرض فهي اليوم آثار تنبئ بحضورها رقعة مسيجة على ذروة تلال ومنحدرات فيها رقع من سياجات الصبار الهائج والنباتات الأهلية المستوحشة, بعض المنازل المتداعية أو مسجد مهمل أو كنيسة مهجورة. حيطان منهارة على شكل درب متروك أو زقاق من أزقة قرية كانت. ما بقي هو شيء من الأنقاض المبعثرة على خد قرى مهجورة منسية.
وظل سكان القرى السبع يحملون جنسيتهم اللبنانية منذ ولادة لبنان الكبير وحتى دخول الاتفاقية حيّز التنفيذ في 30 آب 1924 عندما تمّ ضمّها رسمياً الى أراضي فلسطين.
وظلّت الحدود مفتوحة ولم يكن هناك قيود تحد من انتقال أبناء القرى الى جبل عامل. ظلت الحال كذلك حتى العام 1948 عام النكبة والتهجير القسري يومها هجر أبناء من ديارهم وابتدأت رحلة العذاب والضياع, ولم يبتعد أبناء القرى السبع كثيراً بل بقوا على مقربة من قراهم مدة تزيد على الخمس سنوات, لأن الجيوش العربية قد وعدتهم آنذاك بعودة قريبة الى قراهم فكثرت الوعود وطال معها الأمل بالعودة.
كان ذلك في الخمسينات, فكان على أبناء القرى السبع أن يتكيفوا مع وضع اقتصادي. ومع اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975 تغيّرت الظروف الاجتماعية لأبناء القرى السبع كثيراً اذ باتت نسبة كبيرة من هؤلاء في عداد المهجرين الى مناطق عديدة من بيروت فأقاموا في مناطق الخندق الغميق ووادي أبو جميل كما أن نسبة منهم تتواجد في أحياء الضاحية الجنوبية وقرى الجنوب اللبناني.
(من كتاب : قضية القرى السبع للكاتب محمود حوراني " بتصرّف