مسيرة عام من المعارضة
# منذ ما يزيد عن العامين والنصف كانت الإنتخابات النيابية التي جاءت نتيجة الحلف الرباعي الذي جمع الأخوة الأعداء الذين "انكسرت الجرة بينهم" حسب تعبير السيد حسن نصرالله فكان خلط الأوراق من جديد حيث اصطفت الاطراف من جديد بين موالاة تستلم السلطة ومعارضة تستلم الشوارع
وفي سبيل القاء الضوء على مسيرة عام من المعارضة لا بد من الاضاءة على بعض المحطات التي كان للمعارضة دور فاصل فيها والتي تعبر عن وجهة نظر خاصة جداً معتمدة بشكل اساسي على التحليل المنطقي للأمور
أولها أحداث الأحد الاسود في 5 شباط 2006 في شوارع الأشرفية حيث كان التساؤل الكبير عن غياب أفرقاء هامة من المعارضة عن التحرك الشعبي الذي قام تحت عنوان اسلامي جامع، ولكن وجود بعض الجماعات ذات الارتباطات المشبوهة بأنظمة ومخابرات اقليمية ودولية وما أعقب تلك الاحداث في اليوم التالي من لقاء وتوقيع لورقة تفاهم بين "حزب الله" والتيار العوني قد يفسر بشكل أو بآخر بأن بعض اطراف المعارضة لم تكن بعيدة عما جرى يومئذ
ثانياً: أزمة اقرار المحكمة الدولية والتي كادت تودي بالبلاد الى حالات من العنف الأهلي بسبب أن البعض اعتبرها وسيلة للنيل منه فوقفت المعارضة موقف الرجل الواحد منها واعتبرتها اداة اميركية اسرائيلية لقطع رأس المقاومة فأغلقت بوجهها أبواب المجلس النيابي لاقرارها ضمن الأطر الدستورية والشرعية ما دفع بالحكومة لارسال كتاب لمجلس الأمن بعدم امكانية اقرارها طبقاً للدستور اللبناني ما اضطر مجلس الأمن لاقرارها واصدار قرار دولي ينص على هيكليتها وتشكيلها وآليات عملها وقوانينها
ثالثاً: خطوة استقالة الوزراء الشيعة التي اقدمت عليها حركة "امل" و"حزب الله" وما كان سائد من اعتقاد بأن هذه الاستقالة ستؤدي الى شلل الحكومة وبالتالي عجزها عن ممارسة مهامها من تسيير لشؤون البلد سياسياً واقتصادياً وامنياً .... وما سينتج عن ذلك من ضغط كبير على الحكومة سيدفها للطلب من المعارضة العودة عن الاستقالة وبالتالي تقديم تنازلات سياسية
رابعاً: الدعوة الى الاعتصام وسط بيروت حيث تجاوز عمره الشهر الثالث عشر والذي تقول المعارضة فيه بأنه تعبير عن موقف رافض للصيغة التي تحكم بها السلطة ولآلياتها والذي يرى فيه الطرف الآخر احتلالاً لوسط بيروت وحرب تمارس بالخفاء ضد قوى "14 آذار" وضد مدينة بيروت التي تصبغ بصبغة سياسية معينة، لا بل قد يذهب البعض في توصيفه لحد تشبيهه بالمشروع الاستكمالي لحرب تموز الاسرائيلية حيث يحقق ما هدفت اليه تلك الحرب من ضرب للوحدة الوطنية وزرع الفتنة وكذلك ضرب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في لبنان
خامساً: الاضراب الالزامي الذي قامت به المعارضة وأجبرت كافة المواطنين على المشاركة فيه وإن كان بالقوة حيث شهدنا يوم الثلاثاء الاسود 23/01/2007 ما كان بعضنا شهده خلال 15 عاماً من التاريخ الاسود للحرب الأهلية فرأينا الفتوى السياسية والاستعدادات الأمنية وشهدنا ساعة الصفر التي لطالما تكلم عنها البعض في غير مكان من العالم
وفي الحديث عما نعيشه اليوم من فراغ في رئاسة الجمهورية يجب لفت الانتباه لما كان للمعارضة اللبنانية من دور كبير في حصول هذا الفراغ والذي يتلخص بالنقاط التالية
عدم تأمين المعارضة لأي نصاب في مجلس النواب لانتخاب رئيس للجمهورية
رفض المعارضة الذهاب بمرشحين توافقيين الى مجلس النواب لانتخاب أحدهما لرئاسة الجمهورية وذلك لرد بعض الاعتبار للمجلس بإعطائه فرصة للممارسة الديمقراطية لحقه بانتخاب رئيس الجمهورية
رفض المعارضة تأمين أي نصاب في مجلس النواب لعقد جلسة لتعديل الدستور للتمكن من انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية والذي يتطلب ثلاثة ارباع المجلس في الجلسة الأولى والثلثين في الجلسات التي تلي واعتبار المعارضة لأي قرار أو مرسوم يصدر عن الحكومة في هذا الخصوص هو "قرار غير شرعي صادر عن سلطة غير شرعية" وبالتالي تهجم بعض أركان المعارضة على الحكومة ورئيسها فؤاد السنيورة بعد اتخاذها قرار تعديل الدستور
التهجم وعدم الاعتراف المسبق بأي قرار أو بيان يصدر عن اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب الذي انعقد بدعوة من مصر والمملكة السعودية والذي يناقش حصراً الأزمة السياسية في لبنان والذي يدعو فيه الى انتخاب رئيس للجمهورية بشكل سريع واعتبار المعارضة للوفد الذي ارسلته الحكومة بأنه لا يمثل الدولة اللبنانية ولا يلزم لبنان ولا المعارضة بأية التزامات مستقبلية على صعيد حل الأزمة الرئاسية ومن بعدها علانية رفض المبادرة العربية التي خرج بها الوزراء العرب من اجتماعهم حيث رفضت المعارضة أية صيغة للحل منها صيغة 10/10/10 والتي اعلنت بعد ذهاب عمرو موسى أنه من الممكن القبول بها اذا اعطيت المعارضة ضمانات عدة وبمواضيع كافة ومنها عدم اتخاذ الحكومة لأي قرار داخل مجلس الوزراء ما لم يكن محط اجماع الاطراف كافة
تصريح أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله بأنه لن تجري انتخابات رئاسية ما لم يتم التوصل الى اتفاق سياسي شامل تحصل المعارضة بموجبه على أكثر من ثلث الوزراء في الحكومة أي "الثلث المعطل او الضامن
التلويح أو التهديد بإمكانية انفلات الأمور اذا لم يتم التوصل الى اتفاق بشأن المرحلة المقبلة خلال عشرة ايام حيث "لا يمكن لأحد أن يلجم الناس عن التعبير عن رفضهم للوضع القائم" بما يعني صراحة اسلوب جديد من الفوضى او العصيان المدني والخوف كل الخوف ان يكون ما جرى في منطقة البسطا في بيروت "بروفا" للعرض الكبير الذي سينطلق عند ساعة الصفر
اليوم وفي خضم الأزمة لا زال القادة يرون المسألة وكأنها تحدي بعمقه هو ذا خلفيات سيكولوجية حيث أن السيد حسن نصرالله يرى بأن عدم "موافقة الموالاة على حل الازمة" هو كي لا تثبت مقولته "كما وعدتكم بالنصر دائماً اعدكم بالنصر مجدداً" ولكن والحق يقال بأن المعارضة وبعد اكثر من عامين على انطلاقها ترى نفسها وهي لم تحقق سوى الفشل تلو الفشل فهي بكل خطواتها لم تكن ترى المصلحة الوطنية من اعتصامها في وسط بيروت الى استقالة وزرائها الى اضرابها العام الى احداث الخميس الاسود الى عدم سيرها في انتخاب رئيس جمهورية، هي بكل ذلك مخطئة ولكنها اليوم تريد حلاً يحفظ لها ماء الوجه ويشبع جمهورها الذي بات متشنجاً لأقصى الدرجات والذي لن يرضيه سوى حلاً يلبي ويفرغ الاحتقان بداخله فيا ترى لو تم التوصل الى حلاً سياسياً شاملاً فمن هي الشخصية في المعارضة التي ستمتلك الجرأة لتخرج وتقول لجماهيرها "فكوا اعتصامكم وانسحبوا من وسط بيروت". في النهاية السؤال بسيط هو هل تريد المعارضة فعلاً الحوار مع الاكثرية والجواب أبسط وهو انه عندما ترشح المعارضة شخصاً لا يؤمن بالحوار كالجنرال عون لإجراء الحوار فهي تنعيه قبل أن يولد
:ytkjy:
:ghyty:
:ujgrh:
:لقفقاغ: