رجب المرجّب
هو آخر الأشهر الحُرُم في السّنة، إذ أنّ أوّل شهورها شهر رمضان. وشهر رجب عظيم البركة، شريف، لم تَزَل الجاهلية تعظّمه قبل مجيء الإسلام، ثمّ تأكد شرفه وعِظَمه في شريعة العرب لم تكن تُغِير فيه، ولا ترى الحرب وسفك الدماء، وكان لا يُسمع فيه حركة السّلاح، ولا صهيل الخيل، ولا أصوات الرجال في اللّقاء والاجتماع.
ويستحب صيامه، فقد روي عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه كان يصومه ويقول: رجب شهري، وشعبان شهر رسول الله صلّى الله عليه وآله، وشهر رمضان شهر الله عزّوجلّ.
أول يوم منه كان مولد مولانا وسيدنا أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السّلام.
روى جابر الجعفي قال: ولد الباقر أبو جعفر محمّد بن عليّ عليه السّلام يوم الجمعة غرّة رجب سنة سبع وخمسين من الهجرة.
وروي أنّ مَن صام من أوّله سبعة أيام متتابعات غُلِّقت عنه سبعة أبواب النار، فإنْ صام ثمانية أيّام فُتحت له ثمانية أبواب الجنان، فإنْ صام منه خمسة عشر يوماً أُعطي سُؤله، فإنْ صام الشهر كلّه أعتق الله الكريم رقبته من النار وقضى له حوائج الدنيا والآخرة، وكتبه في الصدّيقين والشهداء. هذا إذا كان الانسان مؤمناً مجتنباً للكبائر الموبقات، كما قال الله عزّ اسمه: إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ .
وللعُمرة فيه فضل كبير قد جاءت به الآثار ، ويُستحبّ فيه زيارة سيّدنا أبي عبدالله الحسين عليه السّلام في أول يوم منه، فقد روي عن الصادق عليه السّلام أنّه قال: (مَن زار الحسينَ بن عليّ عليهما السّلام في أوّل يوم من رجب غَفَر الله له البتّة).
ومَن لم يتمكّن من زيارة أبي عبدالله عليه السّلام في هذا اليوم فلْيَزُر بعض مشاهد السادة عليهم السّلام، فإنْ لم يتمكّن من ذلك فلْيُومئ اليهم بالسّلام، ويجتهد في أعمال البِرّ والخيرات.
وفي اليوم الثالث منه سنة أربع وخمسين ومئتين من الهجرة كانت شهادة سيّدنا أبي الحسن عليّ بن محمّد الهادي صاحب العسكر عليه السّلام، وله يومئذ أربعون سنة.
و في اليوم العاشر منه سنة خمس و تسعين و مئة من الهجرة ولد النور التاسع من انوار الامامة ابوجعفر الثاني محمد بن علي الجواد عليه السلام.
وفي اليوم الثاني عشر منه سنة اثنتين وثلاثين من الهجرة كانت وفاة العباس بن عبدالمطلّب عمّ النبيّ صلّى الله عليه وآله.
وفي اليوم الثالث عشر منه ولد أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه أفضل الصلاة والسّلام بمكة في البيت الحرام سنة ثلاثين من عام الفيل، وهو يوم مسرّة لأهل الإيمان.
وفي يوم النصف منه لخمسة أشهر من الهجرة عَقَد رسول الله صلّى الله عليه وآله لأمير المؤمنين عليّ عليه السّلام على ابنته فاطمة عليها السّلام عقدةَ النكاح فيه، الأشهاد له ولها الأملاك، وسِنّها يومئذ إحدى عشرة أو ثلاث عشرة سنة عليها التحية والرضوان.
ويُستحبّ في هذا اليوم الصيام، وزيارة المشاهد على أصحابها السّلام، ويُدعى فيه بدعاء أُمّ داوود، وهو موجود في كتاب (الإقبال) للسيّد عليّ بن طاووس، وفي كتاب (مفاتيح الجنان).
وفي هذا اليوم سنة اثنتين من الهجرة حُوِّلت القبلة من بيت المَقدِس إلى الكعبة، وكان الناس في صلاة العصر، فتحوّلوا منها إلى البيت الحرام.
وفي هذا اليوم سنة اثنتين وستّين من الهجرة توفّيت عقيلة آل أبي طالب السيّدة زينب بنت الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام.
وفي اليوم الثاني والعشرين منه سنة ستّين من الهجرة كان هلاك معاوية بن أبي سفيان، وسنّه يومئذ ثمان وسبعون سنة.
وفي اليوم الرابع والعشرين منه سنة سبعة من الهجرة تمّ فتح خيبر على يد أسد الله الغالب الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، بعد أن قَتَل مرحب اليهوديّ وقَلَع بابَ الحصن العظيم بمفرده.
وفي اليوم الخامس والعشرين منه سنة ثلاث وثمانين ومئة من الهجرة كانت وفاة سيّدنا أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام قتيلاً في حبس السِّندي بن شاهك سجّان العباسيّين وله عليه السّلام يومئذ خمس وخمسون سنة، وهو يوم تتجدّد فيه أحزان آل محمد عليهم السّلام.
وفي اليوم السابع والعشرين منه كان مبعث النّبيّ صلّى الله عليه وآله، ومن صامه كتب الله له صيام ستّين سنة.
وروي عن الصادقِين عليهم السّلام إنّهم قالوا: مَن صلّى في اليوم السابع والعشرين من رجب اثنتَي عشرة ركعة يَقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة يس، فإذا فرغ من هذه الصلاة قرأ في عقبها فاتحة الكتاب ثلاث مرات والمعوّذات الثلاث أربع مرات وقال:«سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر» أربع مرّات، وقال: «الله ربّي لا أُشرك به شيئاً» أربع مرّات، ثمّ دعا استجيب له في كلّ ما يدعو به إلاّ أن يدعو بجائحةِ قومٍ أو قطيعةِ رحم.
وهو يوم شريف عظيم البركة، ويستحبّ فيه الصدقة، والتطوع بالخيرات، وإدخال السرور على أهل الإيمان.
وفي اليوم الثامن والعشرين منه سنة ستّين من الهجرة كانت هجرة الإمام أبي عبدالله الحسين عليه السّلام من المدينة إلى مكّة بعد أن رفض البيعة للطاغية يزيد.