وصل كوشنير ليلا الى مطار بيروت الدولي يرافقه معاونه السفير جان - كلود كوسران ومدير شؤون الشرق الاوسط وافريقيا في الخارجية الفرنسية جان - فيليكس باغانو، ومستشار الوزير للشؤون الخارجية كريستوف بيغو. وكان في استقبالهم في المطار القائم بالاعمال الفرنسي اندره باران.
ويبدأ الوزير الفرنسي محادثاته صباح اليوم مع البطريرك صفير في بكركي، ثم تشمل جولته تباعا النائب الحريري، فالرئيس بري، فالرئيس فؤاد السنيورة، ويعقد بعد ذلك سلسلة لقاءات مع الزعماء الموارنة ومرشحين في قصر الصنوبر، ويعود عصرا الى بكركي، على ان يعقد قرابة الثامنة والنصف مساء مؤتمرا صحافيا في صالة الصحافة التابعة لصالون الشرف في المطار قبل عودته الى باريس.
وافادت الناطقة الرسمية باسم الخارجية الفرنسية باسكال اندرياني امس ان زيارة كوشنير "تندرج في اطار التزام فرنسا المتواصل التوصل الى توافق بين الاطراف يسمح بانتخاب رئيس جديد للجمهورية يحظى بغالبية واسعة". ورأت ان زيارة كوشنير لبيروت بعد زيارة غيان "تعبر عن الالتزام الفرنسي" حيال لبنان، في اشارة الى ان باريس تتابع عن كثب التطورات الداخلية المتعلقة بالاستحقاق الرئاسي وقدعرضت على الزعماء السياسيين خريطة طريق من ثلاث نقاط لتسهيل العملية الانتخابية. وسيتابع كوشنير المهمة التي قام بها غيان، ويسعى مع الافرقاء الى تذليل العقبات التي تواجهها هذه العملية وتقديم الضمانات اللازمة التي تساعد على التقدم نحو الحل.
واوضحت اندرياني ان باريس "تنتظر من سوريا ان تساهم في التوصل الى نتيجة كهذه بالامتناع عن وضع العراقيل بأي طريقة امام تحقيق توافق لبناني - لبناني".
وعن موقف باريس من تصريحات السيد نصرالله الاخيرة قالت: "تأمل باريس في استمرار الحوار بين الافرقاء السياسيين اللبنانيين ولذلك تعتبر انه يجب تجنب التصريحات التي تتناقض مع هذا التوجه".
وعقد كوشنير ليلاً اجتماعا مع فريق عمله والقائم بالاعمال الفرنسي في قصر الصنوبر ووضع اللمسات الاخيرة على ما سيطرحه مع البطريرك والافرقاء السياسيين اليوم.
من جهة اخرى، عقدت قيادات قوى 14 آذار اجتماعا استثنائيا مساء امس في قريطم وتداولت آخر التطورات ولا سيما منها ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي. وحضر الاجتماع، الى رئيس "كتلة المستقبل" النائب سعد الحريري، الرئيس الاعلى لحزب الكتائب الرئيس امين الجميل ونائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، ورئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط، ورئيس الهيئة التنفيذية في "القوات اللبنانية" سمير جعجع، والوزراء نايلة معوض ومحمد الصفدي ومروان حماده وغازي العريضي وميشال فرعون، والنواب غسان تويني وصولانج الجميل وبطرس حرب واكرم شهيب وجورج عدوان والياس عطاالله وانطوان زهرا ووائل ابو فاعور وانطوان سعد وايلي عون ومصباح الاحدب وسمير فرنجيه وباسم السبع وستريدا جعجع، ورئيس "حركة التجدد الديموقراطي" نسيب لحود والنواب السابقون غطاس خوري ومنصور غانم البون وفارس سعيد، ومستشار رئيس الحكومة محمد شطح ومروان صقر عن "الكتلة الوطنية"، ونادر الحريري وميشال مكتف.
وجاء في بيان صدر عن المجتمعين انه "تم تداول التطورات السياسية. وتوقف المجتمعون عند المواقف المتشنجة والتهديدات المعلنة التي تعمل على تعطيل المبادرات الشقيقة والصديقة، وتطويق مساعي بكركي والعودة بعقارب الساعة الى الوراء، واتفقوا في ضوء ذلك على تكثيف المشاورات اليومية في ما بينهم وصولا الى اجراء الاستحقاق الرئاسي في المهلة الدستورية، ودائما بما يتوافق مع الارادة الوطنية الجامعة التي عبر عنها اللبنانيون في الرابع عشر من آذار".
وكانت ردود الفعل على خطاب السيد نصرالله، شملت عددا كبيرا من نواب كتلتي "المستقبل" و"اللقاء الديموقراطي"، فيما تولى وزير الاعلام غازي العريضي الرد عليه باسم الحكومة. واعتبر العريضي ان الخطاب جاء "ليضرب آمال اللبنانيين في التوافق"، متخوفا من ان يكون هدفه "اطاحة كل شيء". وتساءل: "هل هذا الكلام رسالة الى ابعد من لبنان بكثير ولبنان سيكون الساحة لترجمة مضمونها؟ ولماذا لبنان يدفع الثمن؟ وهل وصلنا الى نقطة اللارجوع وعدم امكان التحاور والوصول الى اتفاق حول رئاسة الجمهورية".
أما أعنف الردود فجاء على لسان رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط الذي اعتبر ان "اللصوص والقتلة هم الذين خرجوا عن مقررات الحوار الاجماعية وحاولوا تعطيل المحكمة الدولية وافتعلوا الحرب للتهرب من مناقشة الاستراتيجية الدفاعية واحتلوا الساحات وحاصروا بيروت واقفلوا مجلس النواب". واتهم نصرالله، من غير ان يسميه، بالتحدث "بالنيابة عن الوكيل والحليف السوري ويوعز الى صغار حلفائه في لبنان بقيادة مشروع التعطيل والتخريب"، قائلاً: "لا نريد ان يتحول لبنان جنة لصوص وقتلة بقيادته".
ورغم هذا الجو المحموم حرص الرئيس بري على المضي في بث روح التفاؤل امام زواره، مشدداً على عمق اتفاقه مع النائب الحريري. وقال رئيس المجلس في اتصال مع "النهار": "انني مستمر في مبادرتي والاستحقاق الرئاسي في موعده، وسننتخب رئيساً للجمهورية".
وعن ردود الفعل على خطاب نصرالله قال بري امام زواره: "ان التوسع في تفسير الكلام الصادر على نحو انه يطاول المساعي الوفاقية هو في غير محله، وبالعكس فقد كان هناك الحاح واصرار على التوافق". وردد بري ان "الرجل (نصرالله) ملتزم التوافق ولم يتنازل عنه وهو حريص عليه".
وقالت أوساط "حزب الله" لـ"النهار" انها تحمّل النائب الحريري مسؤولية الردود التي اطلقها نواب كتلته على السيد نصرالله. واعتبرتها "حملة مبرمجة للتشويش وتهدف الى الهروب من المتطلبات المتوجبة على فريق السلطة".
الحكومة البديلة؟
وأكد العماد ميشال عون ليل أمس ان "المقاومة في وجه الحكومة ستولد في حال عدم الوصول الى حل دستوري وديموقراطي للأزمة الراهنة"، محذّراً من ان انتخاب رئيس بالنصف زائد واحد او بقاء حكومة الرئيس السنيورة "سيسبب مشكلة كبيرة". وقال في حديث الى محطة "المنار" التلفزيونية ان "المعارضة ستردع الموالاة عن انتخاب رئيس دون نصاب الثلثين".
وأعلن "ان الحكومة البديلة من حكومة السنيورة آتية ولن اشرح أكثر". وكرر مطالبته بحكومة انتقالية تحمل برنامجاً كمخرج للأزمة الحالية. كما طالب البطريرك صفير بعدم الدخول في الاسماء، مشيداً بحكمته.
الى ذلك، أعلن البيت الابيض أمس ان الرئيس الاميركي جورج بوش اتصل بالرئيس السنيورة وأكد له دعمه اجراء الانتخابات الرئاسية في لبنان من دون تدخلات سورية.
وصرحت الناطقة باسم البيت الابيض دانا بيرينو، وهي على متن الطائرة الرئاسية الاميركية "آير فورس وان"، بان بوش اطلع السنيورة على نتائج لقاءاته مع المستشارة الألمانية انغيلا ميركل والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي. وأضافت ان بوش "كرر التزامه تمكين (اللبنانيين) من الانتخاب من دون تدخل خارجي وخصوصاً من جانب سوريا". وأوضحت ان الرئيس "كرر موقفنا بوجوب حصول الانتخابات في موعدها وبموجب الدستور اللبناني". ونقلت عن بوش قوله ايضاً انه "يتطلع الى العمل عن قرب مع رئيس ينفذ التزامات لبنان